وجاء فى قواعد ابن رجب أن من توقف نفوذ تصرفه أو سقوط الضمان او الحنث عنه على الاذن فتصرف قبل العلم به ثم تبين ان الاذن كان موجودا فهل يكون كتصرف المأذون له أو لا؟
فى المسألة وجهان تتخرج عليهما صور
منها: لو تصرف فى مال غيره بعقد او غيره ثم تبين انه كان اذن له فى التصرف فهل يصح أم لا فيه وجهان.
ومنها ما لو قال لزوجته ان خرجت بغير اذنى فأنت طالق ثم اذن لها ولم تعلم باذنه فخرجت فهل تطلق؟ فيه وجهان.
واشهرهما - وهى المنصوص - انها تطلق لأن المحلوف عليه قد وجد وهو خروجها على وجه المشاقة والمخالفة فانها أقدمت على ذلك ولأن الاذن هنا اباحة بعد حظر فلا يثبت فى حقها بدون علمها كاباحة الشرع.
ولأبى الخطاب رحمه الله تعالى فى الانتصار طريقة ثانية وهى أن دعواه الاذن غير مقبولة لوقوع الطلاق فى الظاهر.
فلو اشهد على الاذن لنفعه ذلك ولم تطلق وهذا ضعيف.
ومنها لو اذن البائع للمشترى فى مدة الخيار فى التصرف فتصرف بعد الاذن وقبل العلم فهل ينفذ أم لا؟ يتخرج على الوجهين فى التوكيل وأولى.
وجزم القاضى فى خلافه بعدم النفوذ.
ومنها لو غصب طعاما من انسان ثم اباحة له المالك ثم أكله الغاصب غير عالم بالاذن فانه يضمن، ذكره ابو الخطاب فى الانتصار وهو بعيد جدا.
والصواب الجزم بعدم الضمان لأن الضمان لا يثبت بمجرد الاعتقاد فيما ليس بمضمون كمن وطئ امرأة يظنها أجنبية فتبينت زوجته فانه لا مهر عليه ولا عبرة باستصحاب أصل الضمان مع زوال سببه كما أنه لو اكل فى الصوم يظن الشمس لم تغرب فتبين انها كانت غربت فانه لا يلزمه القضاء ويلتحق بهذه (١).
ومن تصرف فى شئ يظن انه لا يملكه فتبين انه كان يملكه ففيه الخلاف ايضا، من ذلك ما لو باع ملك ابيه بغير اذنه ثم تبين ان اباه كان قد مات ولا وارث له غيره، ففى صحة تصرفه وجهان.
ومنه ما لو طلق امرأة يظنها اجنبية فتبينت انها زوجته ففى وقوع الطلاق روايتان وبناهما ابو بكر رحمه الله تعالى على أن الصريح هل يحتاج الى نية أم لا؟
قال القاضى: انما هذا الخلاف فى صورة الجهل بأهليته المحل ولا يطرد مع العلم به.
ومنه ما لو لقى امرأة فى الطريق فقال تنحى باحرة فاذا هى أمته ففيه الخلاف أيضا.
(١) القواعد فى الفقه الاسلامى للحافظ أبى الفرج عبد الرحمن بن رجب الحنبلى ص ١١٦، ١١٧ القاعدة الرابعة والستون طبع مطبعة الصدق الخيرية بمصر الطبعة الأولى سنة ١٣٥٢ هـ / ١٩٣٣ م.