حمل عليه بغير حق فلم يثبت له حكم مثل كلمة الكفر اذا أكره عليها.
وان كان الاكراه بحق نحو اكراه الحاكم المولى على الطلاق بعد التربص اذا لم يفى واكراهه الرجلين اللذين زوجهما وليان ولا يعلم السابق منهما على الطلاق وقع الطلاق لأنه قول حمل عليه بحق فصح كاسلام المرتد اذا اكره عليه ولأنه انما جاز اكراهه على الطلاق ليقع طلاقه فلو لم يقع لم يحصل المقصود (١).
فان نيل بشئ من العذاب كالضرب والخنق والعصر والحبس والغط فى الماء مع الوعيد فانه يكون اكراها بلا اشكال لما روى ان المشركين أخذوا عمارا فأرادوه على الشرك فأعطاهم فانته اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبكى فجعل يمسح الدموع من عينه ويقول: «أخذك المشركون فغطوك فى الماء وأمروك أن تشرك بالله ففعلت فان أخذوك مرة أخرى فافعل ذلك بهم» رواه ابو حفص باسناده.
وقال عمر رضى الله تعالى عنه ليس الرجل أمينا على نفسه اذا أجعته أو ضربته أو وثقته وهذا يقتضى وجود فعل يكون به اكراها.
فأما الوعيد بمفرده فعن أحمد فيه رايتان.
احداهما: ليس باكراه لأن الذى ورد الشرع بالرخصة معه هو ما ورد فى حديث عمار، وفيه: انهم أخذوك فغطوك فى الماء فلا بثبت الحكم الا فيما كان مثله.
والرواية الثانية ان الوعيد بمفرده اكراه.
قال فى رواية ابن منصور رحمه الله تعالى: حد الاكراه اذا خاف القتل أو ضربا شديدا وهذا قول أكثر الفقهاء وبه يقول أبو حنيفة والشافعى رضى الله تعالى عنهما لأن الاكراه لا يكون الا بالوعيد فان الماضى من العقوبة لا يندفع بفعل ما اكره عليه، ولا يخشى من وقوعه.
وانما أبيح له فعل المكره عليه دفعا لما يتوعده به من العقوبة لا يندفع بفعل ما اكره عليه ولا يخشى من وقوعه وانما أبيح له فعل المكره عليه دفعا لما يتوعده به من العقوبة فيما بعد.
وهو فى الموضعين واحد ولأنه متى توعده بالقتل وعلم انه يقتله فلم يبح له الفعل أفضى الى قتله والقائه بيده الى التهلكة ولا يفيد ثبوت الرخصة بالاكراه شيئا لأنه اذا طلق فى هذه الحال وقع طلاقه فيصل المكره الى مراده ويقع الضرر بالمكره.
وثبوت الاكراه فى حق من نيل بشئ من العذاب لا ينفى ثبوته فى حق غيره.
وقد روى عن عمر رضى الله تعالى عنه.
فى الذى تدلى يشتار عسلا فوقف امرأته على الحبل وقالت طلقنى ثلاثا والا قطعته فذكرها الله والاسلام فقالت لتفعلن أو لأفعلن فطلقها
(١) المرجع السابق ج ٨ ص ٢٥٩، ٢٦٠ نفس الطبعة.