للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والاكراه على القتل لا يبيحه فيلزمه القصاص كما سيأتى.

ولا يبيح الزنا ولكن يسقط‍ الحد على خلاف فى ذلك.

فان حلف من دخول الدار بطلاق امرأته فاكره على الدخول حنث به، ولم يبطل الاكراه الحنث اذ قد وقع الشرط‍ (١).

وذكر صاحب البحر الزخار عن الامام يحيى عليه السّلام ان ما أباحه الاضطرار اباحه الاكراه لقول الله عز وجل:

«إِلاّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ» (٢).

وقال عز وجل أيضا:

«إِلاّ مَنْ أُكْرِهَ» (٣).

وهى فى عمار وياسر رضى الله تعالى عنهما حين اكرها على الكفر وترك ما اكره عليه أفضل وان قتل لتفضيله صلّى الله عليه وسلّم ايمان ياسر لما صبر على القتل (٤).

والاكراه يكون بوعيد القادر اما بقتل او قطع عضو أو ضرب أو طعن ذى حد.

وهذا مؤثر اجماعا واما بلطم أو ضرب.

فيشترط‍ أن يكون مؤثرا فى التضرر.

وأما بالحبس فلا بد من كونه كذلك فالحبس ساعة ليس باكراه والحبس سنة اكراه.

وما بين الساعة والسنة فمختلف فيه.

والضابط‍ التضرر، ومنه القيد والكتف وطرح العمامة والجر بالرجل فى الملأ فيؤثر فيمن له رتبة علم أو شرف لا فى ذوى الدنائة وكذلك السب والشتم.

قال الامام يحيى عليه السّلام: اذ قد يتفاداه الرئيس بالقتل والقتال.

قال الامام يحيى: وفى الوعيد بأخذ المال وجهان أصحهما أنه اكراه اذ يبذل نفسه دونه.

وقيل ليس باكراه لاستحقاره لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعل مالك دون عرضك.

قال صاحب البحر: الأقرب انه يختلف حاله على حسب الحاجة اليه وسماحة النفس وعدمها وقلة المتوعد بأخذه وكثرته فيكون موضع اجتهاد.

قال أبو مضر رحمه الله تعالى: والازعاج من الوطن بالقتل، اذ قرنه الله سبحانه وتعالى به.

قال صاحب البحر: بل يختلف فهو كالمال، وكالمال حبس الولد والأحبة وضربهم.

والعبرة فى التضرر أن يحرى مجرى حدوث علة أو زيادتها أو استمرارها.


(١) البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الامصار للامام أحمد بن يحيى بن المرتضى ج ٣ ص ١٦٦، ١٦٧ الطبعة الأولى طبع مطبعة أنصار السنة المحمدية بمصر سنة ١٣٦٧ هـ‍، ١٩٤٨ م.
(٢) الآية رقم ١١٩ من سورة الأنعام.
(٣) الآية رقم ١٠٦ من سورة النحل.
(٤) البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار لأحمد بن يحيى بن المرتضى ج ٥ ص ٩٨ الطبعة الأولى طبع مطبعة السنة المحمدية سنة ١٣٦٨ هـ‍، سنة ١٩٤٩ م.