للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وان كان البيع للمستأجر انفسخت الاجارة بتمامه لتملكه ما يستأجر وكذلك الحكم فى الهبة فاذا وهب المالك ما أجره وكانت هبته للمستأجر انفسخت الاجارة بقبوله الهبة لتمامها لأن العين فى يده وان كانت لآخر لم يكن من الميسور تسليمها اليه لتعلق حق المستأجر بها وهو حق لازم فيتوقف تمامها ونفاذها على تسليمها الى الموهوب له بعد انتهاء الاجارة ولأنها عقد غير لازم فلكل من الواهب والموهوب له فسخها.

أما التصرف فيها بالوصية فهو تصرف صحيح لا يمس حق المستأجر اذ ليس للوصية أثر الا بقبول الموصى له بعد وفاة الموصى وفى هذا الوقت تكون الاجارة قد انتهت بوفاة المؤجر الموصى. واقدام المالك على وقف العين المستأجرة لا يحول دون صحة وقفها ولزومه عند أبى يوسف لأنه لا يتوقف عنده على التسليم وانما يتوقف استحقاق المستحق على اجازة المستأجر أو انتهاء الاجارة خلافا لمحمد اذ يتوقف لزوم الوقف عنده على تسليم العين الموقوفة الى المولى وذلك ما يمنع منه حق المستأجر فلا بد من الانتظار حتى تنته الاجارة أو يجيز المستأجر ثم تسلم العين ليلزم الوقف - وكذلك الحكم فى رهن المالك ما أجره للغير لتوقف لزوم الرهن على تسليم العين المرهونة الى المرتهن وذلك ما يمنع منه حق المستأجر فلا بد من اجازته أو انتهاء الاجارة ثم تسليم العين المرهونة الى المرتهن واذا افتكها الراهن وجب عليه التسليم الى المشترى ويلاحظ‍ أن الهبة أو الرهن اذا كانا للمستأجر فان الاجارة تنفسخ بقبوله الهبة أما الرهن له فلا يمس حقه وليس ما يمنع أن تكون لديه مرهونة مستأجرة (١) - أما تصرف مالك العين المستأجرة فى منفعتها فان كان بالوصية فانه لا يمس حق المستأجر لأنه لا أثر له الا بعد انتهاء الاجارة بوفاة المؤجر الموصى ولذلك ينفذ بقبول الموصى له الوصية وان كان بالاجارة أو بالاعارة فان نفاذه يتوقف على اجازة المستأجر لمساسه بحقه فاذا أجاز انتهت الاجارة والا بقيت الاجارة الى انتهاء مدتها دون أن يكون لتصرف المالك بذلك أثر فى استمرارها وأما اذا كان التصرف فى منفعة العين المستأجرة صادرا من المستأجر فان الحكم فيه يختلف باختلاف حال المنفعة التى هى محل عقد الاجارة ذلك لأن من المنافع ما يختلف باختلاف المنتفع بها كركوب الدابة ولبس الثياب ومنها ما لا يختلف باختلاف المنتفع كالقراءة فى الكتب وركوب القطار وعند تملك هذين النوعين بعقد الاجارة قد ينص فيه على المنتفع فيهما وقد ينص على التعميم وعدم التقيد بمنتفع مخصوص وقد لا يتعرض للنص فيه لشئ من ذلك.

ويرى الحنفية أنه اذا نص فى عقد الاجارة على المنتفع وكانت المنفعة مما تختلف باختلافه فاستؤجرت الدابة على أن يركبها فلان فان المستأجر يتقيد به فليس له أن يمكن غيره من ركوبها سواء أكان ذلك باجارة أم باعارة أم باباحة واذا فعل ذلك كان مخالفا وعد غاصبا فاذا هلكت الدابة عند ذلك كان ضامنا وليس عليه أجر لقاء هذا الانتفاع وان سلمت الدابة الا أن يكون قد انتفع


(١) الدر المختار ج‍ ٣ ص ٣٩٩ وما بعدها، ص ٤١٢.