للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

انتفاعا مأذونا فيه وصاحبه ما لم يؤذن به بأن أردف من يستمسك بنفسه مثلا وهلكت الدابة بعد ذلك فان عليه الأجر المسمى لقاء ما انتفع وعليه ضمان نصف قيمة الدابة لخروجه عن الأمانة بمخالفته وانما لم يلزمه أجر فى الحال الأولى لأنه قد صار غاصبا بانتفاعه وهو مخالف. ومنافع المغصوب غير مضمونة وان لم يترتب على ذلك هلاكها لأنه يصير فى هذه الحال ضامنا ولا يجتمع عند الحنفية أجر وضمان وانما لزمه الأجر فى الحال الثانية لانتفاعه بمقتضى العقد ووجب ضمان نصف القيمة لركوب غيره معه فان ضمن المالك المستأجر لم يرجع بشئ على الرديف لأنه جزاء مخالفته وان ضمن الرديف رجع على المستأجر اذا كان مستأجرا من المستأجر لأنه قد غره ولا يرجع عليه بشئ اذا كان ركوبه بطريق الاعارة أو الاباحة اذ لم يكن بينهما عقد يقتضى السلامة، واذا كان الهلاك قبل بلوغ الغاية لم يجب عليه من الأجر المسمى الا بحسب ما انتفع (١).

وان نص فى العقد على التعميم أو أطلق تعين المنتفع بأول من ينتفع بها وكأنه قد شرط‍ فى العقد ألا ينتفع بها سواه وعليه فالحكم كما تقدم ووجه ذلك انه عند الاطلاق تكون الاجارة فاسدة ففى الثانى اذا استأجر دابة للركوب ولم يسم من يركبها لا تصح الاجارة كما اذا استأجر ثوبا للبس ولم يبين من يلبسه أو قدرا للطبخ ولم يسم ما سيطبخ فيه أو أرضا للزراعة ولم يسم ما سيزرع فيها كما جاء ذلك فى شرح الطحاوى وذلك لاختلاف المنفعة باختلاف الناس فتتعدد المنافع بتعددهم فيكون المعقود عليه مجهولا فلا يصح العقد فاذا عين المنتفع عملا قبل الفسخ التحق ذلك بالعقد وصحت الاجارة بذلك وهذا استحسان وفى القياس يجب أجر المثل لفساد الاجارة لاستبقاء المنفعة بعقد فاسد ووجه الاستحسان أن المفسد هو الجهالة المفضية الى المنازعة وقد زال ذلك بجعل التعيين فى الانتهاء كالتعيين فى الابتداء ولذا لا ضمان عند هلاك العين فى هذه الحال - واذا عمم فقال على أن أركب من أشاء فأركب نفسه أو غيره فان الأمر يصبح مرده الى مشيئة المستأجر وتتعين مشيئته بأول راكب وكأنه نص عليه فى الابتداء فلا يجوز له أن يركب غيره، نص على ذلك فى الكافى (٢).

واذا كانت المنفعة لا تختلف باختلاف المستعمل لم يتقيد المستأجر بمنتفع خاص سواء أشرط‍ ذلك عليه فى العقد أم لم يشرط‍ والشرط‍ بذلك باطل وعلى ذلك له أن يؤجر العين لغيره وأن يعيرها اياه لأنه مالك للمنفعة ومتقضى الملك جواز التصرف فيها وليس فى التقييد فائدة غير أنه اذا أراد أن يؤجر العين وجب أن تكون الاجارة لغير مالكها اذ لا يجوز أن يستأجر الانسان ملك نفسه لأن المنافع حين تنشأ تنشأ على ملك مالك العين وعنه تنتقل الى المستأجر كما يجب ألا تزيد الأجرة فى عقد الاجارة الصادر من المستأجر لغيره على الأجرة الواجبة عليه بعقد اجارته مع المالك الا فى حالتين، الأولى


(١) الدر المختار ج‍ ٥ ص ٢٥.
(٢) الزيلعى والشلبى عليه ج‍ ٥ ص ١١٥.