للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقع الطلاق من السكران اذ لم تفصل الأدلة وهى قول الله عز وجل «الطَّلاقُ مَرَّتانِ ١» ونحوها.

ولقوله سبحانه وتعالى: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى} (٢).

فمخاطبتهم حال السكر تقتضى تكليفهم، وقال القاسم بن محمد والناصر وأبو طالب وغيرهم:

لا يقع طلاق السكران لزوال عقله كالصبى والمجنون. قال الامام يحيى: ان صيره السكر لا يفرق بين السماء والأرض، بل كالنائم والمغمى عليه لم يصح طلاقه اتفاقا، وان صيره نشاطا طربا لم يضع من عقله شئ صح اتفاقا، وان كان بين هاتين الحالتين بحيث لم يضع أكثر عقله فهو محل الخلاف، قال:

والأصح جواز عقوده لتميزه، واختلف فى علة تصحيح طلاقه، فقيل المعصية تغليظا عليه، فعلى هذا ينفذ ما فيه عليه خسر كالطلاق والعتق والهبة، لا ما فيه نفع له كالنكاح والرجعة، وقيل لأن زوال عقله انما يعلم من جهته فلا يقبل قوله فى زواله لفسقه، فيقع ظاهرا لا باطنا.

ولا يقع الطلاق من النائم اجماعا لرفع القلم عنه (٣).

ولا يقع الطلاق من الصبى ولا المغمى عليه ولا المبرسم ولا المغمور بمرض شديد والمنهج وكل من عقله زائل بدون سكر فان طلاق هؤلاء لا يقع قال فى حاشيته شرح الأزهار: وكذا المعتوه يقع طلاقه كما فى البيع، وفى البحر لا يصح طلاق المعتوه والصبى. قال أبو العباس: ولو زال عقله بالبنج والخمر معا أو بأحدهما والتبس فالأصل بقاء النكاح فلا يقع طلاقه قال مولانا عليه السلام: وهكذا لو شرب فعرض له الجنون أيضا فانه لا يقع (٤).

ولا تصح الرجعة باللفظ‍ من زائل العقل الا من السكران فان رجعته تصح، قال فى الوافى:

رجعة السكران كطلاقه على الخلاف، وتصح الرجعة بالفعل ولو وقع الوط‍ ء منه وهو مجنون أو سكران أو نائم (٥).

ولا يصح الظهار الا من المكلف فلا يصح من الصبى والمجنون، وأما السكران فحكم ظهاره حكم طلاقه على الخلاف المذكور، وانما يشترط‍ التكليف حال ايقاعه فى المعلق، ولو حصل حال جنونه فانه يصح فان قال ان دخلت الدار فأنت على كظهر أمى فدخلت الدار بعد أن صار مجنونا صح الظهارة (٦).

والتمييز من شروط‍ البيع الصحيح فلا يصح من غير المميز اجماعا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (رفع القلم عن ثلاثة .. الحديث)، ويصح من المجنون بعد افاقته اجماعا، قال القاسم والهادى: ويصح من السكران، قال الامام يحيى: أراد القاسم والهادى بالسكران من لم يذهب عقله لقولهما اذا كان يعقلهما (٧).

ولا يصح الاقرار من غير المميز اجماعا، قال الامام يحيى: ولا يصح من معتوه لضعف عقله (٨).

والمذهب على أن الوكالة تبطل بجنون الوكيل أو جنون الأصل أو اغمائهما اذ بحدوث ذلك فخرجا عن كونهما من أهل التصرف، قال المؤيد بالله: تبطل الوكالة بالجنون فقط‍ أما الاغماء فلا تبطل به اذ هو كالنوم قلنا: هو بالجنون (٩) أشبه.


(١) الآية رقم ٢٢٩ من سورة البقرة.
(٢) الآية رقم ٤٣ من سورة النساء
(٣) البحر الزخار للمرتضى ج‍ ٣ ص ١٦٦ الطبعة السابقة.
(٤) شرح الأزهار لابن مفتاح وحواشى شرح الأزهار ج‍ ٢ ص ٣٨٢، ٣٨٣ الطبعة السابقة.
(٥) المرجع السابق ج‍ ٢ ص ٤٨١ الطبعة السابقة.
(٦) المرجع السابق ج‍ ٢ ص ٤٩٠ نفس الطبعة.
(٧) البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار للمرتضى ج‍ ٣ ص ٢٩١ الطبعة السابقة.
(٨) المرجع السابق ج‍ ٥ ص ٣ نفس الطبعة.
(٩) المرجع السابق ج‍ ٥ ص ٦٥ الطبعة السابقة.