للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا لو لم يكن الوجوب ثابتا فى حق النائم والناس ما أمروا بالقضاء.

والحكم الثانى: الغاء ألفاظه فلا توصف ألفاظ‍ النائم بخبر ولا استخبار ولا انشاء ولا يتم بلفظه بيع ولا شراء ولا تزويج ولا طلاق ولا عتق ونحو ذلك لعدم القصد والارادة فيها ولأجل ذلك قال بعضهم بثبوت العفو عنها فى الصلاة فلا تنقض صلاة من تكلم فيها وهو نائم لعدم القصد والارادة فى ذلك.

وقيل انها تنتقص بالكلام فى اليقظة والنوم أخذا بظاهر الحديث:

ان صلاتنا هذه لا يصلح فيها شئ من كلام الآدميين.

وحكم الاغماء مثل حكم النوم فى جميع ما مر لأن الاغماء أشد فى ذهاب الحواس وأكثر منافاة للقصد والارادة من النوم فما ثبت للنوم من الأحكام فهو ثابت للاغماء بطريق الأولى لكن استحسنوا نقض الصلاة والصوم بالاغماء دون الصوم لندرة وقوع الاغماء أى لما كان الاغماء لا يقع فى الانسان الا نادرا.

استحسن الفقهاء الصلاة والصوم به لأنه حدث لا يؤمن معه الحدث، وهو مزيل للحواس فتعاد معه الصلاة اذا طرأ فيها لا اذا أغمى عليه قبل وجوبها ثم مضى وقتها وهو لم يفق من اغمائه فانه لا قضاء عليه فى مثل هذه الصورة بخلاف النوم وصرح بذلك الامام الكومى رضوان الله تعالى عليه، أما لو دخل وقتها وهو صحيح أو صحا من اغمائه قبل خروج وقتها فعليه قضاؤها لتعلق الوجوب عليه بتمام صحته فى بعض وقتها.

ويعيد الصيام اذا أغمى عليه من الليل حتى أصبح فلو استمر به الاغماء ليالى وأياما كان عليه بدل تلك الأيام كلها.

كذا قال أبو عبد الله رحمه الله تعالى واستثنى من ذلك اليوم الذى أصبح فيه صحيحا ثم أغمى عليه فى النهار، قال لا يدل عليه فيه.

قال أبو سعيد رحمه الله تعالى:

ولا أعلم فى ذلك اختلافا، وقيل لا بدل عليه حتى فى الأيام التى أصبح فيها معنى عليه لأنه فى ذلك بمنزلة النائم، وحاصله أنه اذا طرأ عليه الاغماء نهارا فلم يحدث حدثا ينقض الصوم فلا قضاء عليه لأنه بمنزلة النوم وان طرأ عليه الاغماء ثم أصبح كذلك ففى لزوم القضاء عليه قولان اختار أبو عبد الله رحمه الله تعالى أن يقضى واختار أبو سعيد رحمه الله تعالى أن لا قضاء عليه (١).

أما السكر وهو تغير العقل بسبب أبخرة تصعد الى الدماغ من شرب المسكرات أو أكلها.

فنوعان لأنه اما أن يكون سببه حلالا وأما أن يكون سببه حراما، فأما السكر الذى سببه حلال فكسكر من سكر من الأشياء التى أبيح له أكلها أو شربها لحال الضرورة كما لو اضطره الجوع الى شرب الخمر أو أكل المسكر أو جبره السلطان على ذلك فانه يباح له على قول احياء نفسه من المسكر فاذا أحياها من ذلك المباح فى حقه فسكر فحكمه فى الصلاة والصيام ومنع التصرف حكم المغمى عليه لأن كل واحد من الاغماء والسكر المباح مغير للعقل من غير هوى من صاحبه.

وأما السكر الذى سببه حرام فهو أن يسكر المرء من أجل المسكر أو شربه على غير الضرورة


(١) شرح طلعة الشمس على الألفية المسماة بشمس الأصول لأبى محمد عبد الحميد بن حميد السالمى ج‍ ٢ ص ٢٤٨ فى كتاب على هامشه بهجة الأنوار شرح أنوار العقول فى التوحيد ثم الحجج المعنعة فى أحكام صلاة الجمعة للسالمى طبع مطبعة الموسوعات بمصر.