للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ففى الأجير الوحد تعطى له الأجرة عند انتهاء كل مدة. ذلك لأن الأجر فى الواقع مقابل لها وفى الأجير المشترك يكون له طلب الأجرة لما تم من عمل ان كان هذا الأجير يعمل فى منزل المستأجر ولعمله أثر ظاهر فى العين اذ أن العين حينئذ تعد فى يد صاحبها فكلما أتم جزءا من العمل يصير بسبب ذلك مسلما الى المستأجر فيجب عليه ما يقابله من الأجر وان لم يكن قد تم العمل وان لم يكن العمل فى منزل المستأجر ولم تكن العين فى يد صاحبها فليس للأجير أن يطلب شيئا من الأجرة المسماة الا بعد تمام العمل وتسليم محله الى المستأجر وقيل لا يستحق الأجر فى الحالين الا بعد تمام العمل لأنه لا ينتفع ببعضه قبل الاتمام كما فى الخياطة ولكن لو عجل له المستأجر الأجر جاز وتملكه الأجير وان لم يكن لعمله أثر ظاهر فى العين كالحمال فانه يعتبر مسلما لكل جزء يقوم به من العمل لحصوله فى ملك المستأجر فبقدر ما يعمله يصير مسلما الى صاحب العين فيستحق عليه الأجرة وان لم يسلم العين الى صاحبها.

هـ‍) حبس الأجير محل العمل لأخذ الأجرة:

واذا أراد الأجير حبس العين بعد الفراغ من العمل لاستيفاء الأجرة كان له ذلك ان كان لعمله أثر فى العين ظاهر كالخياط‍ والصباغ اذ أن ذلك الأثر هو المعقود عليه فى هذه الحال والأجر يقابله فكان كالمبيع يحبس لاستيفاء الثمن فكذلك هنا تحبس العين لاستيفاء الأجرة اذ فى حبسها حبس للأثر واذا هلكت العين قبل التسليم سقطت الأجرة كهلاك المبيع قبل التسليم يسقط‍ به الثمن ولا يجب على الأجير ضمان عند أبى حنيفة خلافا لهما أما اذا لم يكن لعمله أثر ظاهر فى العين كالحمال لم يكن له حبس العين المحمولة لاستيفاء الأجرة لأن ما لا أثر له فى العين ظاهرا فالبدل فيه مقابل بالعمل فاذا فرغ منه حصل العمل فى يد المستأجر بحصوله فى العين المملوكة له فلا يملك بعد ذلك حبسه عن المؤجر كالمبيع يسلم الى المشترى قبل القبض لا يعود البائع بعد ذلك الى حبسه لاستيفاء الثمن ولو حبسه فهلك قبل تسليمه فعلا لم يسقط‍ الأجر لأنه حين وقع العمل وتم حصل مسلما الى المستأجر لوقوعه فى يده فتقررت عليه الأجرة بذلك فلا تحتمل السقوط‍ بالهلاك ثم يضمن مع ذلك لأن حبسه كان بغير حق فصار به غاصبا وهذا كله اذا كان محل العمل فى يد الأجير أما اذا كان فى يد المؤجر فان أى جزء يتم من العمل يصير مسلما الى يده فكان للأجير حق المطالبة بأجره الذى يقابله اذا كان ينتفع بهذا الجزء دون اتمام فاذا استأجره لحفر قناة فى أرضه فحفر بعضها كان له أن يطالبه بما يقابل ذلك البعض من الأجر نصفا أو ثلثا وعلى ذلك اذا استأجر خياطا ليخيط‍ له قميصا فى منزله فان خاط‍ له بعضه لم يكن له أجر على ما فعل لأن هذا العمل لا ينتفع ببعضه قبل الاتمام فلا تلزم له أجرة اذ أنه غير مقابل بشئ منها ولا يستحق الأجر الا باتمام خياطته وبما أن العمل حصل فى منزل المؤجر فاذا فرغ منه ثم هلك فله الأجرة فى قول أبى حنيفة لأن العمل قد صار مسلما اليه بعمله فى داره والعين غير مضمونة على قوله لأنه أمين أما على قولهما فالعين مضمونة ولا يبرأ عن