واجابة الدعوة الخاصة وهذا اذا أريد بالامام أمام الجامع وأما الامام بمعنى الوالى فلا تحل له الهدية لأنه رأس العمال.
قال فى النهر والظاهر أن المراد بالعمل ولاية ناشئة عن الامام أو نائبه كالساعى والعاشر.
وقلت ومثلهم مشايخ القرى والحرف وغيرهم ممن لهم قهر وتسلط على من دونهم فانه يهدى اليهم خوفا من شرهم أو ليروج عندهم وظاهر قوله:
ناشئة عن الامام .. الخ وخول المفتى اذا كان منصوبا من طرف الامام أو نائبه.
لكنه مخالف لاطلاقهم جواز قبول الهدية له والا لزم كون امام الجامع والمدرس المنصوبين من طرف الامام.
كذلك الا أن يفرق بأن المفتى يطلب منه المهدى المساعدة على دعواه ونصره على خصمه فيكون بمنزلة القاضى.
لكن يلزم من هذا الفرق ان المفتى لو لم يكن منصوبا من الامام يكون كذلك فيخالف ما صرحوا به من جوازها للمفتى.
فان الفرق بينه وبين القاضى واضح فان القاضى ملزم وخليفة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى تنفيذ الأحكام.
فأخذه الهدية يكون رشوة على الحكم الذى يؤمله المهدى ويلزم منه بطلان حكمه.
والمفتى ليس كذلك وقد يقال ان مرادهم بجوازها للمفتى اذا كانت لعلمه لا لاعانته للمهدى بدليل التعليل الذى نقله صاحب الدر من قوله يجوز للامام والمفتى والواعظ قبول الهداية لأنه انما يهدى الى العالم لعلمه بخلاف القاضى.
قال ابن عابدين فاذا كانت الهدية لاعانة المهدى صدق عليها حد الرشوة لكن المذكور فى حدها شرط الاعانة.
وفى الفتح عن الأقضية أنه لو أهداه ليعينه عند السلطان بلا شرط لكن يعلم يقينا انه انما يهدى ليعينه فمشايخنا على أنه لا بأس به. الخ.
وهذا يشمل ما اذا كان من العمال أو غيرهم وعن هذا قال فى جامع الفصولين.
القاضى لا يقبل الهدية من رجل لو لم يكن قاضيا لا يهدى اليه ويكون ذلك بمنزلة الشرط ثم قال أقول يخالفه ما ذكر فى الأقضية .. الخ.
قلت والظاهر عدم المخالفة لأن القاضى منصوص على انه لا يقبل الهدية على التفصيل الآتى:
فما فى الأقضية مفروض فى غيره فيحتمل أن يكون المفتى مثله فى ذلك ويحتمل أن لا يكون.
ولا شك أن عدم القبول هو المقبول ورأيت فى حاشية شرح المنهج للعلامة محمد الداودى الشافعى ما نصه:
ومن العمال مشايخ الأسواق والبلدان ومباشروا الأوقاف وكل من يتعاطى أمرا يتعلق بالمسلمين.
قال وفى بعض الشروح ولا يلحق بالقاضى فيما ذكر المفتى والواعظ ومعلم القرآن والعلم لأنهم ليس لهم أهلية الالزام.
والأولى فى حقهم ان كانت الهدية لأجل ما يحصل منهم من الافتاء والوعظ والتعليم عدم القبول ليكون علمهم خالصا لله سبحانه وتعالى.
وان أهدى اليهم حبا وتوددا لعلمهم وصلاحهم.
فالأولى القبول وأما اذا أخذ المفتى الهدية ليرخص فى الفتوى فان كان يوجه باطل فهو رجل فاجر يبدل أحكام الله تعالى ويشترى بها ثمنا وكية وان كان يوجه صحيح فهو مكروه كراهة شديدة.