للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن أخذ جاز ذلك فى الحكم ولزم حتى لا يملك استرداده، لأن الزوج أسقط‍ ملكه عنها بعوض رضيت به، والزوج من أهل الاسقاط‍، والمرأة من أهل المعاوضة والرضا، فيجوز فى الحكم والقضاء.

وإن كان النشوز من قبل الزوجة فلا بأس بأن يأخذ منها شيئا قدر المهر.

لقوله تعالى: «إِلاّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ»

أى إلا أن ينشزن.

والاستثناء من النهى اباحة من حيث الظاهر

وقوله تعالى: «فَلا جُناحَ عَلَيْهِما ١ فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ»

قيل أى لا جناح على الزوج فى الأخذ وعلى المرأة فى الإعطاء

وفى الأخذ (٢) الزيادة على قدر المهر روايتان

الرواية الأولى أنها مكروهة، أى يكره للزوج أن يأخذ منها شيئا أكثر مما أعطاها وهكذا روى عن على رضى الله تعالى عنه

وهو قول الحسن البصرى، وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير، وطاووس

لأن قول الله تبارك وتعالى:

«وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً» الى قوله تعالى «فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ»

فقد نهى الله تعالى عن أخذ شئ مما أعطاها من المهر واستثنى القدر الذى أعطاها من المهر عند خوفها ترك اقامة حدود الله، والنهى عن أخذ شئ من المهر نهى عن أخذ الزيادة على المهر من طريق الأولى، كالنهى عن التأفيف أنه يكون نهيا عن الضرب

وقد روى أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما قال لا مرأة ثابت بن قيس بن شماس:

أتردين عليه حديقته؟ فقالت نعم وزيادة

فقال النبى صلى الله عليه وآله وسلم: أما الزيادة فلا، فنهى عن الزيادة مع كون النشوز من قبلها

وبذلك تبين أن المراد من قوله فيما افتدت به قدر المهر لا الزيادة عليه

وإن كان ظاهره عاما

إلا أن قول النبى صلى الله عليه وآله وسلم المشار اليه وضح المراد منه

والرواية الثانية: ما ذكر فى رواية الجامع الصغير أن الزيادة على قدر المهر غير مكروهة وأنه يطيب له الفضل وهو قول عثمان البتى

وذلك لإطلاق قوله تعالى:

«فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ» فرفع الجناح عنهما فى الأخذ والعطاء من الفداء من غير فصل بين ما اذا كان مهر المثل، أو زيادة عليه، فيجب العمل باطلاق النص، ولأنها أعطت مال نفسها بطيبة من نفسها

وقد قال الله تبارك وتعالى:


(١) الآية رقم ٢٢٩ من سورة البقرة.
(٢) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج‍ ٣ ص ١٥٠ الطبعة السابقة والفتح القدير شرح الهداية مع العناية ج‍ ٣ ص ٢٠٣ الطبعة السابقة.