«فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً»
بخلاف ما اذا كان النشوز من قبله، لأن النشوز اذا كان من قبل الزوج كانت هى مجبورة فى دفع المال، لأن الظاهر أنها مع رغبتها فى الزوج لا تعطى الا اذا كانت مضطرة من جهته بأسباب، أو مغترة بأنواع من التغرير، فكره الأخذ.
ولو أخذ الزوج (١) الزيادة عن المهر وكان النشوز منها جاز فى القضاء.
وكذلك اذا أخذ والنشوز منه لأن مقتضى قوله تعالى «فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ» شيئان
الأول: الجواز حكما أى جواز أخذ الزيادة فى القضاء
والثانى: الإباحة، أى اباحة أخذ الزيادة
وقد ترك العمل فى حق الاباحة لمعارض وهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لامرأة ثابت بن قيس بن شماس: أما الزيادة فلا لكونها نهيا لمعنى فى غيره وهو زيادة الإيحاش فبقى معمولا فى الباقى وهو الجواز
ووجوب العوض اذا افتدت الزوجة نفسها بعوض مسمى له شرطان أحدهما: قبول العوض، لأن قبول العوض كما هو شرط وقوع الفرقة من جانب الزوج فهو شرط لزوم العوض من جانب الزوجة، سواء كان العوض من مهرها الذى استحقته بعقد النكاح من المسمى، أو مهر المثل، أو مالا آخر وهو المسمى بالجعل.
والشرط الثانى: يخص الجعل وهو تسمية مال متقوم موجود وقت الخلع معلوم أو مجهول جهالة قليلة أو كثيرة اذا لم تكن متفاحشة
فإن وجد هذا الشرط وجب الجعل
وألا يوجد هذا الشرط بأن كان المسمى غير مال متقوم كالخمر والخنزير فلا يجب المسمى واذا لم يجب المسمى فلا يجب.
وما صلح مهرا صلح بدل الخلع لأن ما صلح أن يكون عوضا للمتقوم أولى أن يصلح عوضا لغير المتقوم وهذا لأن البضع حالة الدخول متقوم وعند الخروج متقوم.
وإن خالعها أو طلقها بخمر أو خنزير أو ميتة وقع الطلاق بائنا فى الخلع رجعيا فى غيره مجانا كقولها خالعنى على ما فى يدى ولا شئ فى يدها لأن الإيقاع معلق بالقبول وقد وجد ولا يجب عليها شئ لأنها لم تسم شيئا متقوما لتصير غارة له ولا هو منقوم لتجب عليها قيمته وإنما يتقوم بالتسمية وقد فسدت بخلاف ما إذا قالت خالعنى على هذا الخل فإذا هو خمر حيث يجب عليها رد المهر عند أبى حنيفة رحمه الله وعند الصحابين يجب مثله من خل وسط لأنه صار مغرورا من جهتها بتسمية المال ثم إذا فسدت التسمية فقد وقع بغير عوض فكان العامل فيه لفظ الطلاق أو الخلع والأول صريح فيعقب الرجعة والثانى كفاية فيكون بائنا.
وإن قالت خالعنى على ما فى يدى من مال أو قالت من دراهم ولم يكن فى يدها شئ ردت
(١). الهداية وشروحها ج ٣ ص ٢٠٤ الطبعة السابقة.