للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن أبى سعيد الخدرى رضى الله تعالى عنه أن أخته كانت تحت رجل فكان بينهما درء وجفاء حين تحاكما الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: تردين عليه حديقته، فقالت: نعم وأزيده فأعاد ذلك ثلاث مرات، فقال عند الرابعة ردى عليه حديقته وزيديه.

قال مالك: ولم أر أحدا ممن يقتدى به يكره أن تفتدى المرأة بأكثر من صداقها.

وقد قال الله تبارك وتعالى «فَلا جُناحَ عَلَيْهِما ١ فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ»

وأن مولاة لصفية اختلعت من زوجها بكل شئ لها فلم ينكر ذلك عبد الله بن عمر رضى الله تعالى عنه

وهل يستحق الزوج شيئا من العوض ان كان ظالما لها؟

قال مالك (٢) فى التى تفتدى من زوجها أنه اذا علم أن زوجها أضربها أو ضيق عليها، وأنه لها ظالم مضى عليه الطلاق، ورد عليها مالها، وهذا الذى كنت أسمع والذى عليه الأمر عندنا

وروى ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب أنه قال: ان كانت الاساءة من قبلها فله شرطه

وان كانت من قبله فقد فارقها ولا شرط‍ له، وروى مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يقول: اذا لم تؤت المرأة من قبل زوجها حل له أن يقبل منها الفداء

وعن ابن شهاب أنه قال: من الحدود التى ذكر الله فيما يكون فى العشرة بين المرأة وزوجها اذا استخفت المرأة بحق زوجها فنشزت عليه، وأساءت عشرته، وأحنثت قسمه، أو خرجت بغير إذنه أو أذنت فى بيته لمن يكره، وأظهرت له البغض فنرى أن ذلك مما يحل له به الخلع

ولا يصح لزوجها خلعها حتى يؤتى من قبلها

فاذا كانت هى تؤتى من قبله فلا نرى خلعها يجوز

واذا كانت الزوجة غير مدخول بها وافتدت من زوجها فهل يكون لها نصف الصداق.

قال ابن القاسم أرى أن ترد الصداق كله

وذلك لأنى سمعت مالكا سئل عن رجل تزوج امرأة بمهر مسمى فافتدت منه بعشرة دنانير تدفعها اليه قبل أن يدخل بها على أن يخلى سبيلها ففعل، ثم أرادت أن تتبعه بنصف المهر

قال مالك ليس لها ذلك فانه لم يرض أن يخلى سبيلها حتى يأخذ منها فكيف تتبعه؟

قال ابن القاسم: وسواء عندى نقد أو لم ينقد

ومما يبين ذلك أنه لو كان نقدها ثم دعته الى أن يتاركها أو يبارئها لوجب عليها إن كانت أخذت الصداق أن ترده كله فهى حين زادته أحرى أن لا


(١) الآية رقم ٢٢٩ من سورة البقرة.
(٢) المدونة للإمام مالك ج‍ ٥ ص ٢٣ الطبعة السابقة.