للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسلم كل ما أعطانى عندى فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لثابت بن قيس خذ منها فأخذ منها وجلست فى أهلها.

وهذا حديث صحيح ثابت الإسناد رواه الأئمة مالك وأحمد وغيرهما.

وهذا يسمى خلعا، لأن المرأة تنخلع من لباس زوجها

قال الله عز وجل «هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ ١»}.

ويسمى افتداء لأنها تفتدى نفسها بمال تبذله

قال الله تبارك وتعالى «فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ»

وجاء فى كشاف (٢) القناع أنه ان عضلها أى ضارها بالضرب والتضييق عليها أو منعها حقوقها من القسم والنفقة ونحو ذلك كما لو نقصها شيئا من ذلك ظلما لتفتدى نفسها، فالافتداء باطل، والعوض مردود، والزوجية بحالها.

لقول الله تبارك وتعالى «وَلا تَعْضُلُوهُنَّ ٣ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ» الآية

ولأن ما تفتدى به نفسها مع ذلك عوض أكرهت على بذله بغير حق فلم يستحق أخذه منها للنهى عنه والنهى يقتضى الفساد الا أن يكون بلفظ‍ طلاق أو نيته فيقع رجعيا ولم تبن منه لفساد العوض.

والا بأن لم يكن بلفظ‍ الطلاق ولا نيته كان لغوا لفساد العوض.

وان فعل الزوج ما ذكر من المضارة بالضرب والتضييق والمنع من الحقوق لا لتفتدى منه فالخلع صحيح، لأنه لم يعضلها ليذهب ببعض مالها، ولكن عليه إثم الظلم أو فعله لنشوزها أو تركها فرضا فالخلع صحيح.

وجاء فى المغنى (٤): أنه لا يفتقر الافتداء الى حاكم نص عليه أحمد فقال: يجوز الخلع دون السلطان.

وروى البخارى ذلك عن عمر وعثمان رضى الله عنهما.

وبه قال شريح والزهرى، لقول عمر وعثمان ولأنه معاوضة فلم يفتقر الى السلطان كالبيع والنكاح، ولأنه قطع عقد بالتراضى أشبه الاقالة.

ولا بأس بالخلع فى الحيض والطهر الذى أصابها فيه لأن المنع من الطلاق فى الحيض من أجل الضرر الذى يلحقها بطول العدة والخلع لازالة الضرر الذى يلحقها بسوء العشرة والمقام مع من تكرهه وتبغضه، وذلك أعظم من ضرر طول العدة فجاز وقع أعلاهما بأدناهما.

ولذلك لم يسأل النبى صلى الله عليه وآله وسلم


(١) الآية رقم ١٨٧ من سورة البقرة.
(٢) انظر من كتاب كشاف القناع عن متن الإقناع للعلامة الشيخ منصور بن إدريس الحنبلى وبهامشه شرح منتهى الإرادات للشيخ منصور بن يوسف البهوتى ج‍ ٣ ص ١٢٦، ١٢٧ طبع المطبعة الشرفية بمصر سنة ١٣٢٩ هـ‍ الطبعة الأولى، والمغنى لابن قدامة المقدسى ج ٨ ص ١٧٨ الطبعة السابقة.
(٣) الآية رقم ١٩ من سورة النساء.
(٤) المغنى لابن قدامة المقدسى ج ٨ ص ١٧٤، ١٧٥، ١٧٦ الطبعة السابقة.