للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المختلعة عن حالها، ولأن ضرر تطويل العدة عليها، والخلع يحصل بسؤالها فيكون ذلك رضا منها به ودليلا على رجحان مصلحتها فيه ولا يستحب له أن يأخذ أكثر مما أعطاها.

وإن كان الخلع يصح بأكثر من الصداق وأنهما اذا تراضيا على الخلع بشئ صح.

لقول الله تبارك وتعالى «فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ»}.

ولو خالعته لغير بغض وخشية (١) من ألا تقيم حدود الله صح الخلع فى قول أكثر أهل العلم ويحتمل كلام أحمد تحريمه فانه قال: الخلع مثل حديث سهلة تكره الرجل فتعطيه المهر، فهذا الخلع.

وهذا يدل على انه لا يكون الخلع صحيحا الا فى هذه الحال.

وهذا قول ابن المنذر وداود.

وقال ابن المنذر وروى معنى ذلك عن ابن عباس وكثير من أهل العلم.

وذلك لأن الله تبارك وتعالى قال «وَلا يَحِلُّ ٢ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاّ أَنْ يَخافا أَلاّ يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ»

فدل بمفهومه على أن الجناح لا حق بها اذا افتدت من غير خوف.

ثم غلظ‍ بالوعيد فقال «تِلْكَ ٣ حُدُودُ اللهِ فَلا تَعْتَدُوها وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ»

فأما أن عضل (٤) زوجته وضارها بالضرب والتضييق عليها أو منعها حقوقها من النفقة والقسم ونحو ذلك لتفتدى نفسها ففعلت فالخلع باطل، والعوض مردود.

لقول الله عز وجل «وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمّا آتَيْتُمُوهُنَّ ٥ شَيْئاً» الآية

ولأنه عوض أكرهن على بذله بغير حق فلم يستحق كالثمن فى البيع والأجر فى الإجارة

واذا لم يملك العوض وقلنا الخلع طلاق وقع الطلاق بغير عوض

فإن كان أقل من ثلاث فله رجعتها، لأن الرجعة انما سقطت بالعوض، فإذا سقط‍ العوض ثبتت الرجعة.

وان قلنا هو فسخ ولم ينو به الطلاق لم يقع شئ لأن الخلع بغير عوض لا يقع على احدى الروايتين

وعلى الرواية الأخرى انما رضى بالفسخ ها هنا بالعوض (٦) فاذا لم يحصل له العوض لا يحصل المعوض، فأما ان ضربها على نشوزها ومنعها حقها لم يحرم خلعها لذلك، لأن ذلك لا يمنعها ألا يخافا


(١) المرجع السابق ج ٨ ص ١٧٦، ١٧٧ الطبعة السابقة.
(٢) الآية رقم ٢٢٩ من سورة البقرة.
(٣) الآية رقم ٢٢٩ من سورة البقرة.
(٤) المغنى لابن قدامة المقدسى ج ٨ ص ١٧٨ الطبعة السابقة.
(٥) الآية رقم ٢٢٩ من سورة البقرة.
(٦) المغنى لابن قدامة المقدسى ج ٨ ص ١٧٩، ١٨٠ الطبعة السابقة.