للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المذهب، لأن فداءه كان واجبا على الإمام من بيت المال. فإن لم يكن فعلى جميع المسلمين أن يفتدوه قال مالك ذلك على جميع الناس ولو بجميع اموالهم وإذا كان ذلك واجبا عليهم أبدا وهو ببلد الحرب كان لمن أتى به أن يرجع بذلك الفداء على من كان يجب عليه وهو بأرض الحرب قبل أن يفتدى.

قال ابن بشير من افتدى مسلما ولا مال له أو قصد الفادى الصدقة أو كان الفداء من بيت المال لم يرجع عليه، فان كان له مال وافتداه من يريد الرجوع عليه فهل له ذلك؟ نصوص المذهب له الرجوع.

قال ابن بشير وقد نزل بعض المتأخرين الرجوع ونفيه على أحوال فإن كان الأسير لا يرجى خلاصه إلا بما بذل فيه وجب الرجوع بالفداء ولو كان المبذول أضعاف القيمة، وإن كان يرجو الخلاص بالهروب أو بالترك فلا يرجع عليه وإن كان يرجو الخلاص بدون ما بذل فيه وجب الرجوع بالقدر الذى يرجى به الخلاص ويسقط‍ الزائد قال ابن حبيب ومن فدى من أحد الزوجين صاحبه يريد: أو ابتاعه فلا رجوع له عليه إلا أن يكون قد فداه بأمره أو يفديه وهو غير عارف فليتبعه بذلك فى عدمه وملائه، قاله ابن القاسم ومالك وسبيل فداء القريب بقريبه سواء كان ممن يعتق عليه أو ممن لا يعتق عليه سبيل الزوجية إذا فداه وهو يعرف أنه لا يرجع عليه وأما إن فداه وهو لا يعرفه فإن كان ممن يعتق عليه لم يرجع عليه وإن كان ممن لا يعتق عليه رجع عليه فأما إن فداه بأمره فإنه يرجع عليه سواء كان ممن يعتق عليه أو ممن لا يعتق عليه، وإن أشهد أحد الزوجين يفتدى صاحبه أن ذلك ليرجع عليه رجع بذلك قولا واحدا.

قال سحنون: كل من لا يرجع عليه فى الهبة فلا يرجع عليه فى هذا، وان أشهد أنه يفديه ليرجع فيكون ذلك له وإن كان أبا أو ابنا، لأنه لم يشتره لنفسه وانما قصد الافتداء ولم يقصد الهبة لما شرط‍ الرجوع إلا أن يكون الأب فقيرا فلا يرجع عليه لأنه كان مجبرا على أن يفتديه كما يجبر على النفقة عليه وهو فى الافتداء آكد.

وجاء فى (١) حاشية الدسوقى على الشرح الكبير: أنه يجوز فداء أسير المسلمين بالأسرى الكفار فى أيدينا الذين شأنهم القتال اذا لم يرضوا إلا بذلك لأن قتالهم لنا مترقب، وخلاص الأسير محقق.

وقيده اللخمى بما اذا لم يخش منهم، وإلا حرم، وجاز الفداء بالخمر والخنزير على الأحسن.

وصفة ما يفعل فى ذلك أن يأمر الامام أهل الذمة بدفع ذلك للعدو ويحاسبهم بقيمة ذلك مما عليه من الجزية فإن لم يمكن ذلك جاز شراؤه للضرورة.

ولا يرجع الفادى المسلم بعوض الخمر والخنزير اشتراه أو كان عنده على مسلم ولا ذمى أيضا لوجوب إراقته على المسلم أن كان عنده.

وكذا إن اشتراه على ما جزم به بعضهم.


(١) حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج ٢ ص ٢٠٨ وما بعدها، الطبعة السابقة.