للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكعبين، ولا يلبس من الثياب شيئا مسه الزعفران، ولا الورس، ولا تنتقب المرأة، ولا تلبس القفازين.

وإنما يمنع المحرم من لبس المخيط‍ إذا لبسه على الوجه المعتاد.

أما إن كان على غير الوجه المعتاد فلا يمنع منه كأن يتشح بالقميص أو يتزر بالسراويل، ولا يلبس الجوربين، لأنهما فى معنى الخفين.

فمن فعل هذا المحظور ولبس المخيط‍ من غير عذر وضرورة يوما كاملا فعليه الدم لا يجوز غيره، لأن الأصل أن الارتفاق الكامل باللبس يوجب فداء كاملا، ولبس أحد هذه الأشياء يوما كاملا ارتفاق كامل فيوجب فداء كاملا وهو الدم لا يجوز غيره، لأنه فعله من غير ضرورة فلا يستحق التخفيف، وإن لبس أقل من يوم فلا دم عليه وعليه الصدقة.

وكان أبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول أولا إن لبس أكثر اليوم فعليه دم.

وكذا روى عن أبى يوسف رحمه الله تعالى، ثم رجع أبو حنيفة وقال: لا دم عليه حتى يلبس يوما كاملا.

وروى عن محمد رحمه الله تعالى أنه إذا لبس أقل من يوم يحكم عليه بمقدار ما لبس من قيمة الشاة ان لبس نصف يوم فعليه قيمة نصف شاة على هذا القياس.

ومقدار الصدقة نصف صاع من بر كذا روى ابن سماعة عن أبى يوسف رحمه الله تعالى أنه يطعم مسكينا نصف صاع من بر.

وكل صدقة تجب بفعل ما يحظر بالإحرام فهى مقدرة بنصف صاع إلا ما يجب بقتل القملة والجرادة فإنه يتصدق فى قتلهما بما شاء.

وروى ابن سماعة عن محمد رحمهما الله تعالى أن من لبس ثوبا يوما إلا ساعة فعليه من قيمة الدم بمقدار ما لبس، ولو غطى ربع رأسه يوما كاملا فصاعدا فعليه دم وإن كان أقل من الربع فعليه صدقة كذا ذكر فى الأصل، لأن ربع الرأس له حكم الكل فى هذا الباب.

وعن محمد رحمه الله تعالى أنه لا دم عليه حتى يغطى الأكثر من رأسه، لأن تغطية الأقل ليس بارتفاق كامل فلا يجب به جزاء كامل، ووجوب الفدية فى لبس المخيط‍ إذا لبسه يوما كاملا حالة الإختيار، أما إذا لبسه لعذر وضرورة فعليه أحد الأشياء الثلاثة على التخيير، فإن شاء صام ثلاثة أيام، وإن شاء تصدق بثلاثة آصع من طعام على ستة مساكين وان شاء ذبح شاة، والأصل فيه قول الله تبارك وتعالى فى كفارة الحلق من مرض أو أذى فى الرأس «فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ» (١)، وقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم السابق.

والنص وان ورد بالتخيير فى الحلق لكنه معلول بالتيسير والتسهيل للضرورة والعذر، وقد وجدها هنا لأن التخيير فى حال الضرورة للتيسير والتخفيف والجانى لا يستحق التخفيف.


(١) الآية رقم ١٩٦ من سورة البقرة.