للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا فرق (١) فى لبس المخيط‍ بين أن يكون مختارا للبس أو مكرها عليه أو كان نائما فغطى انسان رأسه ليلة كاملة أو وجهه، فيجب الجزاء على النائم لأن الارتفاق حصل له وعدم الاختيار أسقط‍ الإثم عنه لا الموجب.

ولو جمع المحرم (٢) اللباس كله القميص والعمامة والخفين لزمه دم واحد، لأنه لبس واحد فوقع على جهة واحدة فيكفيه كفارة واحدة.

ولو اضطر إلى لبس ثوب فلبس ثوبين، فان لبسهما على موضع الضرورة فعليه كفارة واحدة وهى كفارة الضرورة، لأن اللبس حصل على وجه واحد فيوجب كفارة واحدة، وان لبسهما على موضعين مختلفين موضع الضرورة، وغير موضع الضرورة كما اذا اضطر إلى لبس العمامة أو القلنسوة فلبسهما مع القميص أو غير ذلك فعليه كفارتان كفارة الضرورة للبسه ما يحتاج اليه، وكفارة الاختيار للبسه ما لا يحتاج إليه.

ولو لبس ثوبا للضرورة ثم زالت الضرورة فدام على ذلك يوما أو يومين فمادام فى شك من زوال الضرورة لا يجب عليه إلا كفارة واحدة، وإن تيقن بأن الضرورة قد زالت فعليه كفارتان، ولو حصره عدو فاحتاج إلى لبس الثياب فلبس ثم ذهب فنزع ثم عاد العدو فعاد إلى اللبس أو كان العدو لم يبرح مكانه فكان يلبس فيقاتل بالنهار وينزع بالليل فعليه كفارة واحدة ما لم يذهب هذا العدو ويجئ عدو آخر.

والأصل فى جنس هذه المسائل أنه ينظر إلى اتحاد الجهة واختلافها لا إلى صورة اللبس، فإن لبس المخيط‍ أياما فإن لم ينزع ليلا ولا نهارا يكفيه دم واحد بلا خلاف، لأن اللبس على وجه واحد.

وكذلك اذا كان يلبسه بالنهار وينزعه بالليل للنوم من غير أن يعزم على تركه لا يلزم إلا دم بالإجماع، لأنه اذا لم يعزم على الترك كان اللبس على وجه واحد، فإن لبس يوما كاملا فأراق دما ثم دام على لبسه يوما كاملا فعليه دم آخر بلا خلاف لأن الدوام على اللبس بمنزلة لبس مبتدأ، وإن لم يكفر للأولى فعليه كفارتان فى قول أبى حنيفة رحمه الله وأبى يوسف رحمه الله تعالى وعليه كفارة واحدة.

ومن محظورات (٣) الإحرام الطيب فلو طيب المحرم عضوا كاملا كالفخذ والرأس والساق ونحو ذلك فعليه دم وإن طيب أقل من عضو فعليه صدقة، وقال محمد رحمه الله تعالى يقوم ما يجب فيه الدم فيتصدق بذلك القدر حتى لو طيب ربع عضو فعليه من الصدقة قدر قيمة ربع شاة وإن طيب نصف عضو تصدق بقدر قيمة نصف شاة، وان طيب الأعضاء (٤) كلها فإن كان فى مجلس


(١) فتح القدير على الهداية وبهامشه العناية للكمال بن الهمام ج ٢ ص ٢٨ الطبعة السابقة.
(٢) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج ٢ ص ١٨٧ الطبعة السابقة.
(٣) المرجع السابق ج ٢ ص ١٨٩ الطبعة السابقة.
(٤) المرجع السابق للكاسانى ج ٢ ص ١٩٠ الطبعة السابقة.