للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحد فعليه دم واحد، لأن جنس الجناية واحد، وان كان فى مجلسين مختلفين بأن طيب كل عضو فى مجلس على حدة فعليه لكل واحد دم فى قول أبى حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى، سواء ذبح للأول أو لم يذبح.

وقال محمد رحمه الله إن ذبح للأول فكذلك وإن لم يذبح فعليه دم واحد، وسائر الأدهان التى فيها الطيب إذا ادهن بها عليه دم إذا بلغ عضوا وإن كان الدهن غير مطيب بان ادهن بزيت أو بشيرج فعليه دم فى قول أبى حنيفة رحمه الله تعالى، لأنه أصل الطيب.

وعند أبى يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى عليه صدقه، ولو داوى بالزيت جرحه أو شقوق رجليه فلا كفارة عليه، لأنه لم يستعمله على وجه الطيب بخلاف ما اذا تداوى بالطيب أنه تجب به الكفارة لأنه طيب فى نفسه فيستوى فيه استعماله للتطيب أو لغيره، ومن حلق (١) رأسه من غير عذر فعليه دم لا يجزيه غيره لأنه ارتفاق كامل من غير ضرورة وإن حلق رأسه لعذر فعليه أحد الأشياء الثلاثة، لقول الله عز وجل: «فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ» (٢)، ولما روى من حديث كعب بن عجرة، ولأن الضرورة لها أثر فى التخفيف فخير بين الأشياء الثلاثة تخفيفا وتيسيرا، وإن حلق ثلثه أو ربعه فعليه دم، وإن حلق دون الربع فعليه صدقة كذا ذكر فى ظاهر الرواية، ولم يذكر اختلافا.

وحكى الطحاوى فى مختصره الاختلاف فقال: إذا حلق ربع رأسه يجب عليه الدم فى قول أبى حنيفة رحمه الله تعالى.

وفى قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى لا يجب ما لم يحلق أكثر رأسه.

وذكر القدورى فى شرحه مختصر الحاكم اذا حلق ربع رأسه يجب عليه دم فى قول أبى حنيفة رحمه الله تعالى.

وعند أبى يوسف رحمه الله تعالى اذا حلق أكثره يجب.

وعند محمد رحمه الله تعالى اذا حلق (٣) شعره يجب. هذا اذا حلق رأس نفسه. فأما اذا حلق رأس غيره فعلى الحالق صدقة، لأن المحرم كما هو ممنوع من حلق رأس نفسه ممنوع من حلق رأس غيره، لقول الله تبارك وتعالى «وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ» (٤).

الإنسان لا يحلق رأس نفسه عادة سواء كان المحلوق حلالا أو محرما غير أن المحلوق له إن كان حلالا فلا شئ عليه، وإن كان محرما فعليه الدم، لحصول الارتفاق الكامل له، وإن حلق شاربه فعليه صدقة، ولو نتف أحد الابطين فعليه الدم، ولو نتف الإبطين جميعا تكفيه كفارة واحدة، ومن قلم أظافر يد أو رجل من غير عذر وضرورة فعليه


(١) بدائع الصنائع للكاسانى ج ٢ ص ١٩٢.
(٢) الآية رقم ١٩٦ من سورة البقرة.
(٣) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج ٢ ص ١٩٣ الطبعة السابقة.
(٤) الآية رقم ١٩٦ من سورة البقرة.