جناية على الرهن فإن كان الجانى عبدا أو أمة فإن مولى القاتل يخاطب بالدفع أو الفداء بقيمة المقتول.
فإن اختار الدفع فإن كانت قيمة المقتول مثل قيمة المدفوع أو أكثر فالمدفوع رهن بجميع الدين ويجبر الراهن على الافتكاك بلا خلاف.
وإن كانت قيمته أقل من قيمة المقتول بأن كانت قيمة المقتول ألفا والدين ألف وقيمة المدفوع مائة فهو رهن بجميع الدين أيضا، ويجبر الراهن على الافتكاك بجميع الدين كما كان يجبر على افتكاك العبد المقتول لو كان حيّا بجميع الدين فى قول أبى حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى.
وقال محمد رحمه الله تعالى إن لم يكن بقيمة القاتل وفاء بقيمة المقتول فالراهن بالخيار إن شاء افتكه بجميع الدين وإن شاء تركه للمرتهن بدينه فمحمد مر على أصله فى الجعل بالدين عند تعذر الجبر على الافتكاك وهنا تعذر لما فيه من الغرر بالراهن، ووجه ما قاله أبو حنيفة وأبو يوسف أنه لما دفع الثانى بالأول قام مقام الأول لحما ودما والأول كان رهنا بجميع الدين وكان يجبر الراهن على الافتكاك بجميع الدين، فكذا الثانى.
وكذلك لو كان العبد المرتهن نقص فى السعر حتى صار يساوى مائة درهم فقتله عبد يساوى مائة درهم فدفع به فهو على الاختلاف، هذا إذا كان مولى القاتل اختار الدفع، فأما إذا اختار الفداء فإنه يفديه بقيمة المقتول وكانت القيمة رهنا عند المرتهن، ثم ينظر إن كانت القيمة من جنس الدين استوفى دينه منها وإن كانت من خلاف الجنس حبسها رهنا حتى يستوفى جميع دينه، ويجبر الراهن على الافتكاك عند أبى حنيفة وأبى يوسف، وعند محمد يخير الراهن بين الافتكاك بجميع الدين وبين الترك للمرتهن بالدين هذا إذا كانت الجناية فى النفس.
فأما إذا كانت فيما دون النفس فإن كان الجانى حرّا يجب أرشه فى ماله لا على عاقلته، سواء كانت الجناية خطأ أو عمدا.
أما الوجوب فى ماله فلأن العاقلة لا تعقل فيما دون النفس، وأما التسوية بين الخطإ والعمد فلأن القصاص لا يجرى بين الحر والعبد فيما دون النفس. فاستوى فيه العمد والخطأ فى وجوب الأرش فكان الأرش رهنا مع العبد لأنه بدل جزء مرهون.
وإن كان الجانى عبدا يخاطب مولاه بالدفع أو الفداء بأرش الجناية فإن اختار الفداء بالأرش كان الأرش مع المجنى عليه رهنا، وإن اختار الدفع يكون الجانى مع المجنى عليه رهنا، والخصومة فى ذلك كله إلى المرتهن لأن حق الحبس له والجانى فوت الحبس عن بعض أجزاء الرهن فله أن يقيم بدل الفائت فبقيمة مقامه رهنا.
هذا الذى ذكرنا حكم جناية غير الراهن على الرهن.
أما حكم جناية الراهن على غير الرهن فجنايته لا تخلو: إما إن كانت على بنى آدم وإما إن كانت على غير بنى آدم من سائر الأموال. فإن كانت على