القران أفضل بلا خلاف. وحقيقة الخلاف ترجع إلى الخلاف فى أن النبى هل كان فى حجته قارنا أو مفردا أو متمتعا.
اختلفت الأمة فى إحرامه صلى الله عليه وسلم.
فذهب قائلون إلى أنه صلى الله عليه وسلم أحرم مفردا ولم يعتمد فى سفرته تلك.
وذهب آخرون إلى أنه صلى الله عليه وسلم أفرد واعتمر فيها من التنعيم. وذهب آخرون إلى أنه تمتع ولم يحل لأنه ساق الهدى. وذهب آخرون إلى أنه تمتع وحل. وذهب آخرون إلى أنه صلى الله عليه وسلم قرن فطاف طوافا واحدا وسعى سعيا واحدا لحجته وعمرته. وذهب آخرون إلى أنه صلى الله عليه وسلم قرن فطاف طوافين وسعى سعيين لهما وهذا مذهب علمائنا رحمهم الله تعالى.
ووجه الأول ما فى الصحيحين من حديث عائشة رضى الله تعالى عنها أنها قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحجة، وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بحجة.
فهذا التقسيم يفيد أن من أهل بالحج لم يضم إليه غيره.
ولمسلم عنها أنه صلى الله عليه وسلم أهل بالحج مفردا.
وللبخارى عن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما أنه صلى الله عليه وسلم أهل بالحج وحده.
وفى سنن ابن ماجه عن جابر رضى الله تعالى عنه أنه صلى الله عليه وسلم أفرد الحج.
وللبخارى عن عروة بن الزبير رضى الله تعالى عنه قال: حج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرتنى عائشة رضى الله تعالى عنها أن أول شئ بدأ به الطواف بالبيت ثم لم تكن عمرة.
ثم حج عمر رضى الله تعالى عنه مثل ذلك.
ثم حج عثمان رضى الله تعالى عنه فرأيته أول شئ بدأ به حين قدم مكة أنه توضأ ثم طاف بالبيت.
ثم حج أبو بكر رضى الله تعالى عنه فكان أول شئ بدأ به الطواف بالبيت ثم لم تكن عمرة.
ثم معاوية وعبد الله بن عمر رضى الله تعالى عنهما. ثم حججت مع أبى الزبير بن العوام رضى الله تعالى عنه وكان أول شئ بدأ به الطواف بالبيت ثم لم تكن عمرة. ثم رأيت المهاجرين والأنصار يفعلون ذلك ثم لم تكن عمره. ثم آخر من رأيت يفعل ذلك ابن عمر رضى الله تعالى عنه ثم لم ينقضها بعمرة ولا أحد ممن مضى ما كانوا يبدءون بشئ حين يضعون أقدامهم أول من الطواف ثم لا يحلون، وقد رأيت أمى وخالتى حين تقدمان لا تبدآن بشئ أول من البيت تطوفان به ثم لا تحلان. فهذه كلها تدل على أنه أفرد ولم ينقل أحد مع كثرة ما نقل أنه اعتمر بعده فلا يجوز الحكم بأنه فعله.
ومن ادعاه فإنما اعتمد على ما رأى من فعل الناس فى هذا الزمان من اعتمارهم بعد الحج من التنعيم فلا يلتفت إليه ولا يعول عليه.
ووجه القائلين بأن النبى صلى الله عليه وسلم