للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بدم ويواعد المبعوث على يديه أى يوم شاء فإذا ذبح عنه حل.

والمعنى فيه: أن المعنى الذى لأجله ثبت حق التحلل للمحصر بالعدو موجود هنا وهو زيادة مدة الإحرام عليه، لأنه إنما التزم إلى أن يؤدى أعمال الحج ويتعذر الأداء وتزداد مدة الإحرام عليه ويلحقه فى ذلك ضرب مشقة فأثبت له الشرع حق التحلل وهذا المعنى موجود هنا فقد يزداد عليه مدة الإحرام بسبب المرض والمشقة عليه فى المكث محرما مع المرض أكثر فيثبت له حق التحلل بطريق الأولى.

والمعنى فيه زيادة مدة الإحرام عليه والمعتمر فى هذا كالحاج فيتحلل بالهدى.

إلا أنه إذا بعث بالهدى هنا يواعد صاحبه يوما أى يوم يشاء، لأن عمل العمرة لا يختص بوقت فكذا الهدى الذى يتحلل به عن إحرام العمرة بخلاف المحصر بالحج على قولهما، لأن أعمال الحج مختصة بوقت الحج فكذلك الهدى الذى به يتحلل مؤقت بيوم النحر وإذا حل من عمرته فعليه عمرة مكانها لأن الشروع فيها قد صح.

وليس على المعتمر طواف صدر ولا طواف قدوم (١)

أما طواف القدوم فلأنه كلما وصل إلى البيت يتمكن من أداء الطواف الذى هو ركن فى هذا النسك فلا يشتغل بغيره، بخلاف الحج، فإنه عند القدوم لا يتمكن من الطواف الذى هو ركن الحج. فيأتى بالطواف المسنون إلى أن يجئ وقت الطواف الذى هو ركن.

وأما طواف الصدر فقد قال الحسن رحمه الله تعالى: فى العمرة طواف الصدر أيضا فى حق من قدم معتمرا إذا أراد الرجوع إلى أهله كما فى الحج.

ولكنا نقول: إن معظم الركن فى العمرة الطواف وما هو معظم الركن فى النسك لا يتكرر عند الصدر كالوقوف فى الحج لأن الشئ الواحد لا يجوز أن يكون معظم الركن فى نسك وهو بعينه.

غير ركن فى ذلك النسك، ولأن ما هو معظم الركن مقصود، وطواف الصدر تبع يجب لقصد توديع البيت والشئ الواحد لا يكون مقصودا وتبعا.

وجاء فى موضع آخر من المبسوط‍ (٢):

لا ينبغى لمن اعتمر أن يحل حتى يسعى بين الصفا والمروة، لأن الأثر جاء فيها: أنه إذا طاف وسعى وحلق أو قصر حل إنما أراد به الفرق بين سعى العمرة وسعى الحج فإن أداء سعى الحج بعد تمام التحلل بالطواف صحيح ولا يؤدى سعى العمرة إلا فى حال بقاء الإحرام، لأن الأثر فى كل واحد منهما ورد بهذه الصفة وفى مثله علينا الاتباع إذ لا يعقل فيه معنى.

ثم من واجبات الحج ما هو مؤدى بعد تمام التحلل كالرمى فيجوز السعى أيضا بعد تمام التحلل


(١) المرجع السابق ج ٤ ص ٣٥ وما بعدها الطبعة السابقة
(٢) المبسوط‍ لشمس الدين السرخسى ج ٤ ص ٥٢ وما بعدها الطبعة السابقة.