للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثالث أفضلها الإفراد ثم القران، ثم التمتع حكاه صاحب الفروع والسرخسى وصاحب البيان وآخرون. قالوا نص عليه فى أحكام القرآن.

ومن اختاره من أصحابنا المزنى وابن المنذر وأبو إسحاق المروزى والقاضى حسين فى تعليقه.

قال أصحابنا: وشرط‍ تقديم الإفراد أن يحج ثم يعتمر فى سنة فإن أخر العمرة عن سنة فكل واحد من التمتع والقران أفضل منه بلا خلاف، لأن تأخير العمرة عن سنة الحج مكروه. هكذا قاله جماهير الأصحاب.

وممن صرح به الماوردى والقاضى أبو الطيب رحمهما الله تعالى فى تعليقه وصاحب الشامل والبيان والرافعى وآخرون.

وقال القاضى حسين والمتولى رحمهم الله تعالى الإفراد أفضل من التمتع والقران سواء اعتمر فى سنته أم فى سنة أخرى. وهذا شاذ ضعيف والله أعلم.

وقد ذكرنا أن مذهبنا جواز الثلاثة. وبه قال العلماء وكافة الصحابة والتابعين ومن بعدهم.

إلا ما ثبت فى الصحيحين عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضى الله تعالى عنهما أنهما كانا ينهيان عن التمتع.

وقد ذكر الشيخ أبو حامد رحمه الله تعالى فى تعليقه وآخرون من أصحابنا ومن غيرهم من العلماء فى نهى عمر وعثمان رضى الله تعالى عنهما تأويلين.

أحدهما: أنهما نهيا عنه تنزيها وحملا للناس على ما هو الأفضل عندهما وهو الإفراد. لا أنهما يعتقدان بطلان التمتع هذا مع علمهما: بقول الله تبارك وتعالى: «فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ» (١).

والثانى: أنهما كانا ينهيان عن التمتع الذى فعلته الصحابة فى حجة الوداع وهو فسخ الحج إلى العمرة، لأن ذلك كان خاصّا لهم. وهذا التأويل ضعيف وإن كان مشهورا.

وسياق الأحاديث الصحيحة يقتضى خلافه.

ومن العلماء من أصحابنا وغيرهم من يقتضى كلامه أن مذهب عمر بطلان التمتع، وهو ضعيف، ولا ينبغى أن يحمل كلامه عليه، بل المختار فى مذهبه ما قدمته والله أعلم.

وجاء فى مغنى المحتاج (٢): أنه لو أفسد مفرد نسكه فتمتع فى القضاء أو قرن جاز وكذا عكسه.

ولو أفسد القارن نسكه لزمه بدنة واحدة لانغمار العمرة فى الحج، ولزمه دم للقران الذى أفسده، لأنه لزم بالشروع فلا يسقط‍ بالإفساد، ولزمه دم آخر للقران الذى التزمه بالإفساد فى القضاء، ولو أفرده، لأنه متبرع بالإفراد.

ولو فات القارن الحج لفوات الوقوف فاتت العمرة تبعا له، ولزمه دمان، دم للفوات، ودم لأجل القران، وفى القضاء دم ثالث.

ولو ارتد فى أثناء نسكه فسد إحرامه فيفسد نسكه كصومه وصلاته فلا كفارة عليه ولا يمضى


(١) الآية رقم ١٩٦ من سورة البقرة.
(٢) كتاب مغنى المحتاج إلى معرفة معانى ألفاظ‍ المنهاج للعلامة الفقيه الشيخ محمد الشريينى الخطيب وبهامشه متن المنهاج المذكور لأبى زكريا يحيى بن شرف النووى ج ١ ص ٥٠٦ وما بعدها طبع المطبعة الميمنية بمصر سنة ١٣٠٨ هـ‍.