للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أحمد حين ذكر له حديث أبى ذر:

أفيقول بهذا أحد؟ المتعة فى كتاب الله وقد أجمع المسلمون على جوازها. فإن قيل: فقد روى أبى داود بإسناده عن سعيد بن المسيب أن رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى عمر فشهد عنده أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن العمرة قبل الحج قلنا: هذا حاله (١) فى مخالفة الكتاب والسنة والإجماع كحال حديث أبى ذر بل هو أدنى حالا فإن فى إسناده مقال.

وإن قيل: فقد نهى عنها عمر وعثمان ومعاوية. قلنا: فقد أنكر عليهم علماء الصحابة نهيهم عنها وخالفوهم فى فعلها. والحق مع المنكرين عليهم دونهم.

وقد ذكرنا إنكار على على عثمان واعتراف عثمان له وقول عمران بن حصين منكرا (٢) لنهى من نهى وقول سعد عاتبا على معاوية نهيه عنها وردهم عليهم بحجج لم يكن لهم جواب عنها. بل قد ذكر بعض من نهى عنها فى كلامه ما يرد نهيه. فقال عمر: والله إنى لا أنهاكم عنها وإنها لفى كتاب الله وقد صنعها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا خلاف فى أن من خالف كتاب الله وسنة رسوله ونهى عما فيهما حقيق بألا يقبل نهيه ولا يحتج به مع أنه قد سأل سالم بن عبد الله ابن عمر أنهى عمر عن المتعة؟ قال: لا والله ما نهى عنها عمر، ولكن نهى عثمان.

وسئل ابن عمر عن متعة الحج فأمر بها فقيل إنك تخالف أباك قال: إن عمر لم يقل الذى يقولون. ولما نهى معاوية من المتعة أمرت عائشة حشمها ومواليها أن يهلوا بها فقال معاوية من هؤلاء؟ فقال حشم أو موالى عائشة فأرسل إليها ما حملك على ذلك؟ قالت أحببت (٣) أن يعلم أن الذى قلت ليس كما قلت.

وقيل لابن عباس إن فلانا ينهى عن المتعة قال انظروا فى كتاب الله فإن وجدتموها فيه فقد كذب على الله وعلى رسوله وإن لم تجدوها فقد صدق فأى الفريقين أحق بالاتباع وأولى بالصواب الذين معهم كتاب الله وسنة رسوله أم الذين خالفوهما.

ثم قد ثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم الذى قوله حجة على الخلق أجمعين فكيف يعارض بقول غيره؟

قال سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: تمتع النبى صلى الله عليه وسلم فقال عروة نهى أبو بكر وعمر عن المتعة فقال ابن عباس: أراهم سيهلكون أقول قال النبى صلى الله عليه وسلم ويقولون نهى عنها أبو بكر وعمر وسئل ابن عمر عن متعة الحج فأمر بها فقال إنك تخالف أباك فقال عمر لم يقل


(١) المغنى لابن قدامة المقدسى على متن المقنع والشرح الكبير عليه للخرقى على متن المقنع فى كتاب ج ٣ ص ٢٣٩ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق لابن قدامة المقدسى والشرح الكبير عليه للخرقى على متن المقنع فى كتاب ج ٣ ص ٢٣٩ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٣) المغنى لابن قدامة المقدسى والشرح الكبير عليه للخزقى فى كتاب ج ٣ ص ٢٣٩ وما بعدها الطبعة السابقة.