للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمر بهما وإنما خالف فى أنه أمره بالإحرام بالحج من مكة فأحرم به من الميقات.

وظاهر كلام أحمد أنه لا يرد شيئا من النفقة.

وقال القاضى يرد نصف النفقة لأن غرضه فى عمرة مفردة وتحصيل فضيلة التمتع وقد خالفه فى ذلك وفوته عليه.

وإن أفرد وقع عن المستنيب أيضا ويرد نصف النفقة لأنه أخل بالإحرام بالعمرة من الميقات وقد أمره به وإحرامه بالحج من الميقات زيادة لا يستحق به شيئا.

وإن أمره بالقران (١) فأفرد أو تمتع صح ووقع النسكان عن الآمر ويرد من النفقة بقدر ما ترك من إحرام النسك الذى تركه من الميقات.

وفى جميع ذلك إذا أمره بنسكين ففعل أحدهما دون الآخر رد من النفقة بقدر ما ترك ووقع المفعول عن الآمر وللنائب من النفقة بقدره.

ومنها الإحصار بالنسبة إذا كان المحرم مفردا أو كان غير ذلك.

ومتى كان المحصر محرما بعمرة فله (٢) التحلل ونحر هديه وقت حصره، لأن النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه زمن الحديبية حلوا ونحروا هداياهم بها قبل يوم النحر.

وإن كان مفردا أو قارنا فكذلك فى إحدى الروايتين لأن الحج أحد النسكين فجاز الحل منه ونحر هديه وقت حصره كالعمرة ولأن العمرة لا تفوت وجميع الزمان وقت لها، فإذا جاز الحل منها ونحر هديها من غير خشية فواتها فالحج الذى يخشى فواته أولى.

الرواية الثانية (٣): لا يحل ولا ينحر هديه إلى يوم النحر. نص عليه فى رواية الأثرم وحنبل، لأن للهدى محل زمان ومحل مكان، فإذا عجز عن محل المكان فقط‍ بقى محل الزمان واجب لا مكانه.

وإذا لم يجز له نحر الهدى قبل يوم النحر لم يجز التحلل لقوله سبحانه وتعالى «وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ»}.

وإذا قلنا بجواز التحلل قبل يوم النحر فالمستحب له مع ذلك الإقامة، مع إحرامه رجاء زوال الحصر فمتى زال قبل تحلله فعليه المضى لإتمام نسكه بغير خلاف نعلمه.

قال ابن المنذر قال كل من أحفظ‍ عنه من أهل العلم: إن من يئس أن يصل إلى البيت فجاز له أن يحل فلم يفعل حتى خلى سبيله أن عليه أن يقضى مناسكه.

وإن زال الحصر بعد فوات الحج تحلل بعمل عمرة. فإن فات الحج قبل زوال الحصر تحلل بهدى. وقيل عليه هاهنا هديان: هدى للفوات


(١) المرجع السابق لموفق الدين محمد بن أحمد بن عبد الله المقدسى والشرح الكبير عليه لأبى عبد الله الخرقى ج ٣ ص ١٨٥، ص ١٨٦ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) المغنى لابن قدامة المقدسى والشرح الكبير عليه على متن المقنع فى كتاب ج ٣ ص ٣٧٣ وص ٣٧٤ وما بعدهما الطبعة السابقة.
(٣) المرجع السابق لابن قدامة المقدسى والشرح الكبير عليه على متن المقنع فى كتاب ج ٣ ص ٣٧٤، وما بعدها الطبعة السابقة.