للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسلم فقال: حتى إذا كان آخر طواف على المروة قال عليه الصلاة والسلام: لو أنى استقبلت من أمرى ما استدبرت لم أسق الهدى وجعلتها عمرة فمن كان منكم ليس معه هدى فليحل وليجعلها عمرة فقام سراقة بن مالك بن جعشم فقال يا رسول الله:

ألعامنا هذا أم للأبد فشبك رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه واحدة فى الأخرى وقال: دخلت العمرة فى الحج مرتين. لا بل لأبد آبد.

وروى أيضا عن أنس بن مالك رضى الله تعالى عنه أنه قال صلى الله عليه وسلم ونحن معه بالمدينة:

الظهر أربعا والعصر بذى الحليفة ركعتين ثم بات بها حتى أصبح ثم ركب حتى استوت به راحلته على البيداء حمد الله وسبح وكبر ثم أهل بحج وعمرة وأهل الناس بهما فلما قدمنا أمر الناس فحلوا حتى إذا كان يوم التروية أهلوا بالحج.

وروى معمر عن الزهرى عن عروة عن عائشة رضى الله تعالى عنها أنها قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فأهللنا بعمرة ثم قال النبى صلى الله عليه وسلم من كان معه هدى فليهل بالحج مع العمرة ولا يحل حتى يحل منهما جميعا.

قال ابن حزم ففى هذه الأحاديث الثابتة برهان كل ما قلنا وهى أربعة أحاديث.

ففى الحديث الأول الذى من طريق جابر رضى الله تعالى عنه أمر النبى صلى الله عليه وسلم من أهل بحج مفرد ولا هدى معه أن يحل بعمرة ولا بد، ثم يهل بالحج يوم التروية فيصير متمتعا.

وفى الحديث الثانى (١) الذى من طريق أنس أمره صلى الله عليه وسلم، من أهل بحج وعمرة قارنا ولا هدى معه أن يهل بعمرة ولا بد، ثم يهل بالحج يوم التروية فيصير أيضا متمتعا.

وفى الحديث الثالث الذى من طريق جابر أمره صلى الله عليه وسلم كل من لا هدى معه عموما بأن يحل بعمرة وان هذا هو آخر أمره على الصفا بمكة وأنه عليه الصلاة والسلام أخبر بأن التمتع أفضل من سوق الهدى معه وتأسف إذ لم يفعل ذلك هو، وأن هذا الحكم هو باق إلى يوم القيامة وما كان هكذا فقد آمنا أن ينسخ أبدا. وفيه أن العمرة قد دخلت فى الحج.

وهذا هو قولنا، لأن الحج لا يجوز إلا بعمرة متقدمة له يكون بها متمتعا أو بعمرة مقرونة معه ولا قرن.

وفى الحديث الرابع الذى من طريق عائشة رضى الله تعالى عنها أمره صلى الله عليه وسلم من معه هدى أن يقرن بين الحج والعمرة.

وبه يقول ابن عباس ومجاهد وعطاء وإسحق ابن راهويه رضى الله تعالى عنهم.

وساق ابن حزم الظاهرى كثيرا من الأحاديث التى تؤيد رأيه فى أن الحج إما أن يكون تمتعا وإما أن يكون قرانا.

ثم قال بعد ذلك: واحتج بعضهم (٢) فى


(١) المرجع السابق ج ٧ ص ١٠١ الطبعة السابقة.
(٢) المحلى لأبى محمد بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهرى ج ٧ ص ١١٠ طبع ادارة الطباعة المنيرية بمصر.