للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجاء فى العروة الوثقى (١): أن أقسام الحج ثلاثة بالإجماع والأخبار: تمتع وقران وإفراد.

والأول: فرض من كان بعيدا عن مكة.

والآخران: فرض من كان حاضرا أى غير بعيد. وحد البعد الموجب للأول ثمانية وأربعون ميلا من كل جانب على المشهور الأقوى.

لصحيحه زرارة عن أبى جعفر عليه السلام قلت له؟ قول الله عز وجل فى كتابه: «ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ» (٢) فقال عليه السلام يعنى أهل مكة ليس عليهم متعة. وكل من كان أهله دون ثمانية وأربعين ميلا ذات عرق وعسفان كما يدور حول مكة فهو ممن دخل فى هذه الآية الكريمة. وكل من كان أهله وراء ذلك فعليه المتعة.

وخبره عنه عليه السلام سألته فى قول الله عز وجل: «ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ»}.

قال: لأهل مكة ليس لهم متعة ولا عليهم عمرة. فقلت فما حدّ ذلك. قال ثمانية وأربعون ميلا من جميع نواحى مكة دون عسفان وذات عرق. ويستفاد أيضا من جملة من أخبار أخر.

والقول بأن حده اثنى عشر ميلا من كل جانب كما عليه جماعة ضعيف لا دليل عليه إلا الأصل.

فإن مقتضى جملة من الأخبار وجوب التمتع على كل أحد.

والقدر المتيقن الخارج منها من كان دون الحد المذكور، وهو مقطوع بما مر أو دعوى أن الحاضر مقابل للمسافر، أو السفر أربعة فراسخ، وهو كما ترى، أو دعوى أن الحاضر المعلق عليه وجوب غير التمتع أمر عرفى والعرف لا يساعد على أزيد من اثنى عشر ميلا، وهذا أيضا كما ترى كما أن دعوى أن المراد من ثمانية وأربعين على التوزيع على الجهات الأربع فيكون من كل جهة اثنى عشر ميلا منافية لظاهر تلك الأخبار.

وأما صحيحة حريز الدالة على أن حد البعد ثمانية عشر ميلا فلا عامل بها. كما لا عامل بصحيحتى حماد بن عثمان والحلبى الدالتين على أن الحاضر من كان دون المواقيت إلى مكة. وهل يعتبر الحد المذكور من مكة أو من المسجد؟ وجهان أقربهما الأول.

ومن كان على نفس الحد فالظاهر أن وظيفته التمتع لتعلق حكم الإفراد والقران على ما دون الحد.

ولو شك فى كون منزله فى الحد أو خارجه وجب عليه الفحص مع عدم تمكنه يراعى الاحتياط‍. وإن كان لا يبعد القول بأنه يجرى عليه حكم الخارج فيجب عليه التمتع لأن غيره معلق على عنوان الحاضر وهو مشكوك. فيكون كما لو شك فى أن المسافة ثمانية فراسخ أولا فإنه يصلى تماما لأن القصر معلق على السفر وهو مشكوك. ثم ما ذكر إنما


(١) المرجع السابق للطباطبائى اليزدى ج ١ ص ٥٠٦ وما بعدها مسألة رقم ٢ الطبعة السابقة.
(٢) الآية رقم ١٩٦ من سورة البقرة.