للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذا لو كان الثمر مجذوذا فباع الكل واستثنى صاعا يجوز. وأى فرق بين المجذوذ وغير المجذوذ؟

وذكر الطحاوى فى مختصره أنه لا يجوز. وإليه أشار محمد رحمه الله تعالى فى الموطأ فإنه قال:

لا بأس بأن يبيع الرجل ثمره ويستثنى منها بعضا إذا استثنى شيئا فى جملته ربعا أو خمسا أو سدسا. قيد الجواز بشرط‍ أن يكون المستثنى مشاعا فى الجملة.

فلو ثبت الجواز فى المعين لم يكن لتقيده بهذا الشرط‍ معنى.

وكذا روى الحسن بن زياد رحمه الله تعالى أنه قال: لا يجوز، وكذا ذكره القدورى رحمه الله تعالى فى مختصره.

ثم فساد العقد بما ذكرنا من الشروط‍ مذهب أصحابنا.

وقال ابن أبى ليلى: البيع جائز والشرط‍ باطل.

وقال ابن شبرمة: البيع جائز والشرط‍ جائز.

والصحيح قولنا، لما روى أبو حنيفة رحمه الله تعالى عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وشرط‍. والنهى يقتضى فساد المنهى فيدل على فساد كل بيع وشرط‍ إلا ما خص عن عموم النص.

والمبيع (١) إن كان أصلا لا بد من الإشارة إليه بطريق الأصالة ليصير معلوما وإن كان تبعا يصير معلوما بالإشارة إلى الأصل، لأن المبيع كما لا يفرد بعلة على حدة لا يفرد بشرط‍ على حدة إذ لو أفرد لانقلب أصلا وهذا قلب الحقيقة.

وعلى ذلك إذا باع جارية حاملا من غير مولاها أو بهيمة حاملا دخل الحمل فى البيع تبعا للأم كسائر أطرافها وإن لم يسمه ولا أشار إليه.

ولو باع عقارا دخل ما فيها من البناء والشجر بنفس البيع ولا يدخل الثمر والزرع إلا بقرينة.

وجملة الكلام فى بيع العقار أن المبيع (٢) لا يخلو من أن يكون أرضا، أو كرما، أو دارا، أو منزلا، أو بيتا. وكل ذلك لا يخلو إما ألا يذكر فى بيعه الحقوق ولا المرافق ولا ذكر كل قليل وكثير منها. وإما أن يذكر شيئا.

فإن كان المبيع أرضا ولم يذكر شيئا من القرائن دخل ما فيها من الأبنية والأشجار. ولم يدخل الزرع والثمار عند عامة العلماء.

لما روى عن محمد رحمه الله تعالى فى كتاب الشفعة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:

من اشترى أرضا فيها نخل فالثمرة للبائع إلا أن يشترطها المبتاع. جعل عليه الصلاة والسلام الثمرة للبائع مطلقا عن وصف وشرط‍.

فدل على أن الحكم لا يختلف بالتأبير وعدمه.

ولأن النخل اسم لذات الشجر فلا يدخل ما عداه إلا بقرينة زائدة ولهذا لم يدخل ثمار سائر الأشجار.

وكذلك إن كان كرما يدخل فى بيعه بما فيه من


(١) المرجع السابق للكاسانى ج ٥ ص ١٦٤ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم ج ٥ ص ٣١٧ وما بعدها الطبعة السابقة.