للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والفجل قبل أن يقلع.

وقال الشافعى: ما له قشران فلا يجوز بيعه حتى يزال القشر الأعلى.

قال ابن حزم كل جسم خلقه الله تعالى فله طول وعرض وعمق.

قال تعالى: «وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ» (١). وكل ما ذكرنا فكذلك بيعه بنص القرآن جائز.

وقد أجمعوا وصحت السنن المجمع عليها على جواز بيع التمر والعنب والزبيب وفيها النوى وأن النوى داخل فى البيع.

وأجمعوا على جواز بيع البيض كما هو وإنما الغرض منه ما فى داخله ودخل القشر فى البيع بلا خلاف من أحد، وكذلك الزيتون بما فيه من الزيت، والسمسم بما فيه من الدهن، والشاة المذبوحة كما هى. فليت شعرى ما الفرق بين هذا وبين ما اختلفوا فيه المسك فى نافجته مع النافجة والعسل فى شمعه مع الشمع.

ولا سبيل إلى فرق لا فى قرآن ولا فى سنة ولا رواية سقيمة. ولا قول صاحب ولا تابع ولا قياس ولا معقول ولا رأى يصح. وكل ذلك بيع قد أباحه الله تعالى ولم يخص منه شيئا. وقد قال الله تعالى: «وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ» (٢) فلو كان حراما لفصله الله تعالى.

فإذا لم يفصله فهو منصوص على تحليله وليس فى ذلك غرر لأنه جسم واحد خلقه الله تعالى عز وجل كما هو وكل ما فى داخله بعض لجملته.

ثم قال ابن حزم (٣): ومن هذا بيع الحامل بحملها إذا كانت حاملا من غير سيدها. لأن الحمل خلقه الله عز وجل من منى الرجل ومنى المرأة ودمها فهو بعض أعضائها وحشوتها ما لم ينفخ فيه الروح.

قال تعالى: «وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ. ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ. ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ» (٤). فبيعها بحملها كما هى جائز. هى وحملها للمشترى. فإذا نفخ فيه الروح فقد اختلف أهل العلم.

فقالت طائفة هو بعد ذلك غيرها، لأنها أنثى.

وقد يكون الجنين ذكرا. وهى فردة. وقد يكون فى بطنها اثنان. وقد تكون هى كافرة. وما فى بطنها مؤمنا. وقد يموت أحدهما ويعيش الآخر. وقد يكون أحدهما معيبا والآخر صحيحا. وقد يكون أحدهما أسود والآخر أبيض. ولو وجب عليها قتل لم تقتل هى حتى تلد. فصح أنه غيرها. فلا يجوز دخوله فى بيعها. وهكذا فى إناث سائر الحيوان.

حاش اختلاف الدين فقط‍ أو القتل فقط‍.

وقال آخرون: هو كذلك إلا أنه حتى الآن مما خلقه الله تعالى فيها وولده منها ولم يزايلها بعد.

فحكمه فى البيع كما كان حتى يزايلها وليس كونه


(١) الآية رقم ٢٧٥ من سورة البقرة.
(٢) الآية رقم ١١٩ من سورة الأنعام.
(٣) المحلى لابن حزم الظاهرى ج ٨ ص ٤٩٣.
(٤) الآية رقم ١٢ - ١٤ من سورة المؤمنون.