للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غيرها وكون اسمه غير اسمها وصفاته غير صفاتها بمخرج له عما كان له من الحكم إلا بنص وارد فى ذلك.

وهذا النوى هو بلا شك غير التمر وإنما يقال نوى التمر وصفاته غير صفات التمر واسمه غير اسم التمر. وكذلك قشر البيض أيضا وكذلك بيض ذات البيض قبل أن تبيضه. وكل ذلك جائز بيعه كما هو. لأن الله تعالى خلق كل ذلك كما هو.

وما زال الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعلمه يبيعون التمر ويتواهبونه ويبيعون البيض ويتهادونه من بيض الدجاج والنعام ويتبايعون العسل ويتهادونه كما يشتارونه فى شمعه.

ويتبايعون إناث الضأن والبقر والخيل والمعز والإبل والإماء والظباء حوامل وغير حوامل ويغنمون كل ذلك ويتقسمونهن ويثوارثونهن ويقتسمونهن كما هن. فما جاء قط‍ نص بأن للأولاد حكما آخر قبل الوضع فبيع الحامل بحملها جائز كما هو ما لم تضعه (١).

وهذا هو الثواب عندنا وبه نقول. لأنه كله باب واحد وعمل واحد.

وقال ابن حزم: ما تولى المرء وضعه فى الشئ كالبذر يزرع والنوى يغرس فإن هذا شئ أودعه المرء فى شئ آخر مباين له بل هذا ووضعه الدراهم والدنانير فى الكيس والبر فى الوعاء والسمن فى الإناء سواء ولا يدخل حكم أحدهما فى الآخر.

ومن باع من ماله شيئا لم يلزمه بيع شئ آخر غيره وإن كان مقرونا معه ومضافا إليه.

فمن باع أرضا فيه بذر مزروع ونوى مغروس ظهرا أو لم يظهرا فكل ذلك للبائع ولا يدخل فى البيع. قال تعالى: «لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ» (٢)

ووجدنا البذر والنوى مالا للبائع بلا شك فلا يحل لغيره أخذه إلا برضى الذى ملكه له.

وقال ابن حزم (٣): لا يحل بيع شئ من المغيبات كلها دون ما عليها أصلا لا يحل بيع النوى أى نوى كان قبل إخراجه وإظهاره دون ما عليه.

ولا بيع المسك دون النافجة قبل إخراجه من النافجة. ولا بيع البيض دون القشر قبل إخراجه عنه ولا بيع حب الجوز واللوز والفستق والصنوبر والبلوط‍ والقسطل والجلوز. وكل ذى قشر دون قشره قبل اخراجه من قشره.

ولا بيع العسل دون شمعه قبل إخراجه من شمعه. ولا لحم شاة مذبوحة دون جلده قبل سلخها. ولا بيع زيت دون الزيتون قبل عصره.

ولا بيع شئ من الأدهان دون ما هو فيه قبل إخراجه منها. ولا بيع حب البر دون أكمامه قبل إخراجه منها ولا بيع سمن من لبن قبل إخراجه.


(١) المرجع السابق لأبى سعيد بن حزم الظاهرى ج ٨ ص ٣٩٤ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) الآية رقم ١٨٨ من سورة البقرة.
(٣) المحلى لأبى سعيد الظاهرى ج ٨ ص ٣٩٤ وما بعدها مسألة رقم ١٤٢٥ الطبعة السابقة.