ولا بيع لبن قبل حلبه أصلا. ولا بيع الجزر والبصل والكراث والفجل قبل قلعه لا مع الأرض ولا دونها، لأن كل ذلك بيع غرر لا يدرى مقداره ولا صفته ولا رآه أحد فيصفه وهو أيضا أكل مال بالباطل.
قال الله تعالى: «لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ»}.
وبالضرورة يدرى كل أحد أنه لا يمكن البتة وجود الرضى على مجهول وإنما يقع التراضى على ما علم وعرف.
فإذا لا سبيل إلى معرفة صفات كل ما ذكرنا ولا مقداره فلا سبيل إلى التراضى به وإذ لا سبيل إلى التراضى به فلا يحل بيعه وهو أكل مال بالباطل أما الجزر والبصل والكراث والفجل فكل ذلك شئ لم يره قط ولا تدرى صفته وهو بيع غرر وأكل مال بالباطل إذا بيع وحده.
وأما بيعه بالأرض معا فليس مما ابتدأ الله تعالى خلقه فى الأرض فيكون بعضها وإنما هو شئ من مال الزارع لها أودعه فى الأرض كما لو أودع فيها شيئا من سائر ماله ولا فرق.
فما لم يستحل البذر عن هيئته فبيعه جائز مع الأرض ودونها لأنه شئ موصوف معروف القدر وقد رآه بائعه أو من وصفه له فبيعه جائز لأن التراضى به ممكن.
وأما إذا استحال عن حاله فقد بطل أن يعرف كيف هو وما صفته وليس هو من الأرض ولكنه شئ مضاف إليها فهو مجهول الصفة جملة.
ولا يحل بيع مجهول الصفة بوجه من الوجوه لأنه بيع غرر حتى يقلع ويرى.
ثم قال ابن حزم فى موضع آخر (١): وأما بيع الظاهر دون المغيب فيها فحلال إلا أن يمنع من شئ منه نص. فجائز بيع الثمرة واستثناء نواها.
وبيع جلد النافجة دون المسك الذى فيها والجراب والظروف كلها دون ما فيها وقشر البيض واللوز والفستق والبلوط والقسطل.
وكل قشر لا تحاشى شئ دون ما تحتها.
وبيع الشمع دون العسل الذى فيه وبيع التبن دون الحب الذى فيه.
وجلد الحيوان المذبوح أو المنحور دون لحمه أو دون عضو مسمى منها.
وبيع الأرض دون ما فيها من بذر أو خضروات مغيبة أو ظاهرة ودون الزرع الذى فيها ودون الشجر الذى فيها والحيوان اللبون دون لبنه الذى اجتمع فى ضروعه. ولا يحل استثناء لبن لم يحدث بعد ولا اجتمع فى ضروعه.
ويجوز بيع الحامل دون حملها سواء نفخ فيه الروح أو لم ينفخ. ولا يحل بيع حيوان حى واستثناء عضو منه أصلا.
ويجوز بيع عصارة الزيتون والسمسم دون الدهن قبل عصره.
ولا يحل بيع جلد حيوان حى دون لحمه ولا
(١) المرجع السابق لابن سعيد محمد بن على الظاهرى الأندلسى ج ٨ ص ٣٩٨ وما بعدها مسألة رقم ١٤٢٦ الطبعة السابقة.