دون عضو مسمى منه أصلا.
ولا يجوز بيع مخيض لبن قبل أن يمخض ولا الميش قبل أن يخرج.
وبرهان كل ما ذكرنا. قول الله تعالى:
«وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ»}. وقوله تعالى: «وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ» فكل بيع لم يأت فى القرآن ولا فى السنة تحريمه باسمه مفصلا فهو حلال بنص كلام الله تعالى.
وكل ما ذكرنا فمال للبائع وملك له يبيع منه ما شاء فهو من ماله ويمسك منه ما شاء من ماله فما ظهر من ماله ورؤى أو وصفه من رآه فبيعه جائز ويمسك ما لم يره هو ولا غيره لأنه لا يحل بيع المجهول، ولأنه لا يريد بيعه فذلك له وإن كان مرئيّا حاضرا أو موصوفا غائبا.
وأما قولنا: لا يحل استثناء لبن لم يحدث بعد، فلأنه إنما يحدث إذا أحدثه الله تعالى فى مال غيره فلا يحل له أن يشترط من مال غيره شيئا، إلا أن يكون الثمن فيما باع فقط، لأنه شرط ليس فى كتاب الله تعالى فهو باطل.
وإنما منعنا من بيع حيوان إلا عضوا مسمى منه وأجزنا بيع الحامل دون حملها.
فإن ذلك الحيوان لا يخلو إما أن يكون من بنى آدم، أو من سائر الحيوان فإن كان من سائر الحيوان فاستثناء العضو المعين منه أكل مال بالباطل، لأنه لا ينتفع به إلا بذبحه.
ففى هذا البيع اشتراط ذبح الحيوان على بائع العضو منه أو على بائعه إلا عضوا منه. وهذا شرط ليس فى كتاب الله تعالى فهو باطل.
وإن كان ذلك الحيوان من بنى آدم فكذلك أيضا وهو إضاعة للمال جملة.
وأما الحمل والصوف والوبر والشعر وقرن الآيائل، وكل ما يزايل الحيوان بغير مثلة ولا تعذيب فهو مال لبائعه يبيع من ماله ما شاء ويمسك ما شاء إلا أن يكون فى ذلك إضاعة مال أو مثلة حيوان أو إضرار به فلا يحل لصحة النهى عن المثلة وعن تعذيب الحيوان.
وأما منعنا من بيع المخيض دون السمن قبل المخض ومن بيع الميش دون الجبن قبل عصره فلأنه لا يرى ولا يتميز ولا يعرف مقداره فقد يخرج المخض والعصير قليلا وقد يخرج كثيرا.
وهذا بخلاف بيع عصارة الزيتون والسمسم دون الدهن قبل العصر، لأن الزيتون والسمسم واللوز والجوز كل ذلك مرئى معروف وإنما الخافى فهو الدهن فقط ولا يحل بيعه قبل ظهوره.
ويجوز استثناؤه لأنه إبقاء له فى ملك مالكه وهذا مباح حسن.
وقد روينا (١) من طريق ابن أبى شيبة عن قرة ابن سليمان عن محمد بن فضيل عن أبيه ابن عمر فيمن باع أمة واستثنى ما فى بطنها قال له ثنياه. وقد صح هذا أيضا عن ابن عمر فى العتق.
وروينا من طريق ابن أبى شيبة عن هشيم عن
(١) المحلى لابن حزم الظاهرى الأندلسى ج ٨ ص ٤٠٠ وما بعدها طبع مطبعة المنيرية بمصر سنة ١٣٤٨ هـ الطبعة الأولى