للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المغيرة عن إبراهيم النخعى قال: من باع حبلى واستثنى ما فى بطنها فله ثنياه فيما قد استبان خلقه فإن لم يستبن خلقه فلا شئ.

قال ابن حزم سواء استبان خلقه أو لم يستبن له ثنياه لأنه ماله يستثنيه إن شاء فلا يبيعه أو يدخل فى صفقة أمه، لأنه بعضها ما لم ينفخ فيه الروح ومن جملتها بعد نفخ الروح فيه.

ثم قال ابن حزم فى موضع آخر (١): ومن باع الظاهر دون المغيب أو باع مغيبا يجوز بيعه بصفة كالصوف فى الفراش والعسل فى الظرف والثوب فى الجراب فإنه إن كان المكان للبائع فعليه تمكين المشترى من أخذ ما اشترى ولا بد وإلا كان غاصبا مانع حق وعلى المشترى إزالة ماله عن مكان غيره وإلا كان غاصبا للمكان مانع حق.

فمن باع تمرا دون نواها فأخذ التمر وتخليصها من النوى على المشترى لأنه مأمور بأخذ متاعه ونقله وترك النوى مكانه وإن كان المكان للبائع فإن أبى أجبر واستؤجر عليه من يزيل التمر عن النوى ولا يكلف البائع ذلك إلا أن يشاء.

وهكذا القول فى نافجة المسك والظروف دون ما فيها والقشور دون ما فيها والشمع دون العسل والتبن دون الحب وجلد الحيوان المذبوح دون المنحور ولحمة الزيتون والسمسم وكل ذى دهن.

وأما من باع الأرض دون البذر أو دون الزرع أو دون الشجر أو دون البناء فالحصاد على الذى له الزرع والقلع على الذى له الشجر والبناء والقطع أيضا عليه، لأن فرضا عليه إزالة ماله عن أرض غيره.

ومن باع الحيوان دون اللبن أو دون الحمل فالحلب على الذى له اللبن ولا بد أجرة القابلة عليه أيضا لأن واجبا عليه إزالة لبنه عن ضرع حيوان غيره. وليس على صاحب الحيوان إلا إمكانه من ذلك فقط‍ لا خدمته فى حلب لبنه وكذلك على الذى له ملك الولد العمل فى العون فى أخذ مملوكه أو مملوكته من بطن أمة غيره بما أبيح له من ذلك.

ومن باع سارية خشب أو حجر فى بناء فعلى المشترى قلع ذلك بألطف ما يقدر عليه من التدعيم لما حول السارية من البناء وهدم ما حواليها مما لا بد له من هدمه ولا شئ عليه فى ذلك لأن له أخذ متاعه كما يقدر.

ومن هو مأمور بشئ ويعمل فى شئ فلا ضمان عليه لأنه بفعل ما يفعل من ذلك محسن.

وقد قال الله تعالى: «ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ» (٢). فإن تعدى ضمن.

ومن باع (٣) صوفا أو وبرا أو شعرا على الحيوان فالجز على الذى له الصوف والشعر والوبر، لأن عليه إزالة ماله عن مال غيره ومكان الشعر والوبر والصوف وهو جلد الحيوان فعلى الذى له كل ذلك


(١) المرجع السابق لابن حزم الظاهرى الأندلسى ج ٨ ص ٤٠٢ وما بعدها مسألة رقم ١٤٢٧ الطبعة السابقة.
(٢) الآية رقم ٩١ من سورة التوبة.
(٣) المحلى لأبى سعيد بن حزم الظاهرى الأندلسى ج ٨ ص ٤٠٤ وما بعدها مسألة رقم ١٤٢٨.