للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحمار اذا لم يجد غير سؤرهما تيمم معه.

وهذه الرواية تدل على طهارة سؤرهما لأنه لو كان نجسا لم تجز الطهارة به.

وروى عن اسماعيل بن سعيد لا بأس بسؤر السباع لأن عمر قال فى السباع: ترد علينا ونرد عليها.

ورخص فى سؤر جميع ذلك الحسن وعطاء والزهرى ويحيى الأنصارى وبكير بن الأشج وربيعة وأبو الزناد ومالك والشافعى وابن المنذر لحديث أبى سعيد فى الحياض وقد روى عن جابر أيضا. وفى حديث آخر عن جابر رضى الله تعالى عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سئل أنتوضأ بما أفضلته الحمر؟ قال نعم وبما أفضلت السباع كلها) رواه الشافعى فى مسنده وهذا نص ولأنه حيوان يجوز الانتفاع به من غير ضرورة فكان طاهرا كالشاة. ووجه الرواية الأولى أن النبى صلّى الله عليه وسلّم سئل عن الماء وما ينوبه من السباع فقال:

(اذا بلغ الماء قلتين لم ينجس) ولو كانت طاهرة لم يحده بالقلتين وقال النبى صلّى الله عليه وسلم فى الحمر يوم خيبر (انها رجس) ولأنه حيوان حرم أكله لا لحرمته يمكنه التحرز عنه غالبا أشبه الكلب ولأن السباع والجوارح الغالب عليها أكل الميتات والنجاسات فتنجس أفواهها ولا يتحقق وجود مطهرها فينبغى أن يقضى بنجاستها كالكلاب.

وحديث أبى سعيد قد أجبنا عنه ويتعين حمله على الماء الكثير عند من يرى نجاسة سؤر الكلب والحديث الآخر يرويه ابن أبى حبيبة وهو منكر الحديث قاله البخارى وابراهيم بن يحيى وهو كذاب والصحيح عندى طهارة البغل والحمار لأن النبى صلّى الله عليه وسلّم كان يركبها ونركب فى زمنه وفى عصر الصحابة فلو كان نجسا لبين النبى صلّى الله عليه وسلّم ذلك ولأنهما لا يمكن التحرز منهما لمقتنيهما فأشبه السنور وقول النبى صلّى الله عليه وسلّم (انها رجس) أراد أنها محرمة كقول الله سبحانه وتعالى فى الخمر والميسر والأنصاب والأزلام انها رجس ويحتمل أنه أراد لحمها الذى كان فى قدورهم فأنه رجس فان ذبح ما لا يحل أكله لا يطهر (١).

والقسم الثانى طاهر فى نفسه وسؤره وعرقه وهو ثلاثة أضرب.

الأول: الآدمى فهو طاهر وسؤره طاهر سواء كان مسلما أو كافرا عند عامة أهل العلم الا أنه حكى عن النخعى رحمه الله تعالى أنه كره سؤر الحائض وعن جابر بن زيد رضى الله تعالى عنه لا يتوضأ منه.

وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (المؤمن ليس بنجس).

وفى رواية أخرى (ان المؤمن لا ينجس) وعن عائشة رضى الله تعالى عنها أنها كانت تشرب من الاناء وهى حائض فيأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع فيها فيشرب وتتعرق العرق فيأخذه فيضع فاه على موضع فيها رواه مسلم.

وكانت تغسل رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى حائض. متفق عليه وقال لعائشة (ناولينى (٢) الخمرة من المسجد) قالت انى حائض قال صلّى الله عليه وسلّم (ان حيضتك ليست فى يدك) رواه الجماعة الا البخارى (٣).

الضرب الثانى: ما اكل لحمه فقال أبو بكر ابن المنذر رحمه الله تعالى أجمع أهل العلم على أن سؤر ما أكل لحمه يجوز شربه والوضوء به


(١) المغنى أعلى الشرح الكبير لابن قدامه ج ١ ص ٤٢، ص ٤٣ الطبعة السابقة
(٢) الخمرة بضم الخاء هى سجاد الصلاة تصنع من سعف النخل وتكون على قدر المصلى فان زادت سميت حصيرة وقبل سجادة الصلاة مطلقا راجع المغنى والشرح الكبير الجزء الأول ص ٤٣ الطبعة السابقة
(٣) المغنى والشرح الكبير ج‍ ١ ص ٤٣ الطبعة السابقة