للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما وقع فيه بعد ذلك من طعام أو غيره لأن موته فى الماء كزكاة فقيل يؤكل وقيل لا يؤكل.

وان مات فى طعام كلبن وخل أفسده وأفسد ما وقع فيه بعد ذلك من ماء وغيره وان مات فى غير ماء ولا طعام فهو نجس أو طاهر قولان وظاهر كونه بحريا أى يعيش فى الماء أنه لا ينجس ما مات فيه ولو مات فى الطعام وهو قول بعض أصحابنا.

وحكى الماوردى عن القفال أن الضفدع لا ينجس بالموت وهو شاذ عندهم (١).

ويحكم بنجاسة طاهر لاقى نجسا. ان ظهر أثر النجس فى الطاهر ظهورا معاينا بالعين كبلل نجس له لون وكشئ نجس يابس له لون كميتة تنجست اتصلت بطاهر ويقى أثرها بعد نفض أو محكوما به لقوة موجبة كما اذا لم يكن له لون يخالف لون البلل الطاهر أو لاقى الطاهر المبلول وهو يابس وأذعن القلب الى أنه قد ارتد البلل من النجس الذى جبد البلل من الطاهر وذلك كأن يكون النجس والطاهر مبلولين أو النجس يكون مبلولا وان كان الطاهر مبلولا فلا ينجس قيل أراد به قولا لا تضعيفا لأن هذا هو الراجح (٢).

هذا وقد روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال الماء طاهر الا ما غير لونه أو طعمه أو رائحته وهو محمول على قدر قلتين فصاعدا وزعم بعض أن ماء البحر لا يزيل النجس وهو خطأ لأن ازالة النجس تصح بما أمكن لأنها معقولة المعنى هذا وأجاز بعض رفع الحدث بماء الورد والشجر والبقول وأجاز بعض استعمال ما سال من غسل النجس ان لم يتغير أو من رفع الحدث فى غسل أو شرب والحوطة ترك ما سال من غسل نجس ولو لم يتغير وأجاز بعض الوضوء والاغتسال بلبن أو خل أو نبيذ ان خلطت بماء وكان الماء فوق الثلثين.

واجاز ابن عباس رضى الله تعالى عنهما الوضوء والاغتسال بالنبيذ وأجازهما بعض أن لم يجد غيره ورده ابن بركة بقول الله عز وجل «فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً} (٣)» وهو الصحيح وان تغير الماء ببعر أو روث طاهر أو ورق جاز فى الوضوء والاغتسال ولو تغير.

وزعم بعض أن ما دون خمس قلل وبعض مادون أربعين ينجس ولو لم يتغير والصحيح أن ذلك فى قلتين كما شهر. ومن بال فى ماء فغلبه البول نجس حتى يدخله ماء أكثر منه وان كثر الماء فغلب على موضع منه حكم النجس وليس بأكثر منه نجس الموضع فاذا خالطه الطاهر فاستهلك عينه حكم بطهارته وان تغير لون الغزير مما يلى الأرض وأعلاه صاف ونزل النجس الى أسفل فطاهر من أعلاه ان لم يغلبه حكمه والجارى الحصى كالجارف فوق يغسل فيه نجس وان كان الماء القليل نجسا وعارضه النجس بالداخل قبل أن يصل آخره ويجرى من أسفله كان طاهرا ما لم يغلبه ويتوضأ بماء قطر فيه ماء الوضوء ان قطر أقل من ثلثه وقيل أقل من نصفه.

وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يبول أحدكم فى الماء الدائم ثم يتوضأ منه يعنى ان كان قليلا وان بال صبى أو شاة على ثوب أو غيره أجزأ صب الماء عليه بلا عرك قال بعض لا بأس برائحة النجس دون لون وطعم وان غسل المصبوغ بصبغ نجس فى جار وغلبه الصبغ لم ينجس ان كان لا ينجس حتى يغلبه النجس بذاته لا يعارض فى طاهر وان بالت الدواب فى الطرق فأمطر عليها فغلب الماء البول لم يفسد وضوء من مر فيها وقد نقل


(١) شرح النيل وشفاء العليل ج ١ ص ٢٤٩ الطبعة السابقة
(٢) المرجع السابق ج ١ ص ٢٧١، ٢٧٢ الطبعة السابقة
(٣) الآية رقم ٦ من سورة المائدة.