واحد منهما مسلك النجاسة كالدبر فكانت الريح الخارجة منهما كالخارجة من الدبر فيكون حدثا وذكر الرخى أنه لا وضوء فيها الا ان تكون المرأة مفضاة فيخرج منها ريح منتنة فيستحب لها الوضوء لأن الريح ليست بحدث فى نفسها لأنها طاهرة وخروج الطاهر لا يوجب انتقاض الطهارة وانما انتقاض الطهارة بما يخرج بخروجها من أجزاء النجس، وموضع الوط ء من فرج المرأة ليس بمسلك البول فالخارج منه من الريح لا يجاوره النجس، أما اذا كانت مفضاة فقد صار مسلك البول ومسلك الوط ء مسلكا واحدا فيحتمل أن الريح خرجت من مسلك البول فيستحب لها الوضوء ولا يجب لأن الطهارة الثابتة بيقين لا يحكم بزوالها بالشك، وقيل ان خروج الريح من الذكر لا يتصور وانما هو اختلاج يظنه الانسان ريحا هذا حكم السبيلين أما حكم غير السبيلين من الجرح والقرح فان سال الدم والقيح والصديد عن رأس الجرح والقرح ينتفض الوضوء عندنا لوجود الحدث وهو خروج النجس وهو انتقال النجس من الباطن الى الظاهر خلافا للشافعى رحمه الله تعالى، وعند زفر رحمه الله تعالى ينتقض سواء سال أو لم يسل بناء على ما ذكر فلو ظهر الدم على رأس الجرح ولم يسل لم يكن حدثا عند أصحابنا الثلاثة وعند زفر يكون حدثا سال أو لم يسل بناء على ما ذكرنا من أن الحدث الحقيقى عنده هو ظهور النجس من الآدمى الحى وقد ظهر وجه قوله ان ظهور النجس اعتبر حدثا فى السبيلين سال عن رأس المخرج أو لم يسل فكذا فى غير السبيلين، ويدل لنا ان ظهور ما اعتبر حدثا فى موضع ما وانما انتقضت الطهارة فى السبيلين اذا ظهر النجس على رأس المخرج لا بالظهور بل بالخروج وهو الانتقال من الباطن الى الظاهر على ما بينا كذا ههنا وهذا لأن الدم اذا لم يسل كان فى محله لأن البدن محل الدم والرطوبات الا أنه كان مستترا بالجلدة وانشقاقها يوجب زوال السترة لا زوال الدم عن محله ولا حكم للنجس مادام فى محله ألا ترى أنه تجوز الصلاة مع ما فى البطن من الأنجاس، فاذا سال عن رأس الجرح فقد انتقل عن محله فيعطى له حكم النجاسة، وفى السبيلين وجد الانتقال لما ذكرنا، وعلى هذا خروج القئ ملء الفم يكون حدثا وان كان أقل من ملء الفم لا يكون حدثا، وعند زفر رحمه الله تعالى يكون حدثا قل أو كثر ووجه البناء على هذا الأصل ان الفم له حكم الظاهر عنده بدليل ان الصائم اذ تمضمض لا يفسد صومه فاذا وصل القئ اليه فقد ظهر النجس من الآدمى الحى فيكون حدثا وأنا نقول له مع الظاهر حكم الظاهر كما ذكره زفر وله مع الباطن حكم الباطن بدليل ان الصائم اذا ابتلع ريقه لا يفسد صومه فلا يكون الخروج من الفم حدثا لأنه انتقال من بعض الباطن الى بعض وانما الحدث هو الخروج من الفم لأنه انتقال من الباطن الى الظاهر، والخروج لا يتحقق فى القليل لأنه يمكن رده وامساكه فلا يخرج بقوة نفسه بل بالاخراج فلا يوجد السيلان ويتحقق فى الكثير لأنه لا يمكن رده وامساكه فكان خارجا بقوة نفسه لا بالاخراج فيوجد السيلان.
وحجة زفر فى ذلك ما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: القلس حدث من غير فصل بين القليل والكثير ولأن الحدث اسم لخروج النجس وقد وجد لأن القليل خارج نجس كالكثير فيستوى فيه القليل والكثير كالخارج من السبيلين، ويدل لنا ما روى عن على رضى الله تعالى عنه موقوفا عليه ومرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه عد الأحداث جملة وقال فيها أو دفعة تملأ الفم ولو كان القليل حدثا لعده عند عد الأحداث كلها، وأما الحديث فالمراد منه القئ ملء الفم لأن المطلق ينصرف الى المتعارف وهو القئ ملء الفم أو يحمل على هذا توفيقا بين الحديثين صيانة لهما عن التناقض، وقوله: وجد خروج النجس فى القليل، يجاب عليه بأنا ان سلمنا ذلك ففى قليل القئ ضرورة لأن الانسان لا يخلو منه خصوصا حال الامتلاء ومن صاحب السعال، ولو جعل حدثا لوقع الناس فى الحرج والله تعالى ما جعل علينا فى الدين من حرج ولا ضرورة فى القليل من السبيلين. ولا فرق بين ان يكون القئ مرة صفراء أو سوداء وبين