أن يكون طعاما أو ماء صافيا لأن الحدث اسم لخروج النجس والطعام أو الماء صار نجسا لاختلاطه بنجاسات المعدة ولم يذكر فى ظاهر الرواية تفسير ملء الفم وقال أبو على الدقاق:
هو ان يمنعه من الكلام وعن الحسن بن زياد رحمه الله تعالى هو ان يعجز عن امساكه ورده وعليه اعتمد الشيخ أبو منصور رحمه الله تعالى وهو الصحيح لأن ما قدر على امساكه ورده فخروجه لا يكون بقوة نفسه بل بالاخراج فلا يكون سائلا، وما عجز عن امساكه ورده فخروجه يكون بقوة نفسه فيكون سائلا والحكم متعلق بالسيلان ولو قاء أقل من ملء الفم مرارا هل يجمع ويعتبر حدثا لم يذكر فى ظاهر الرواية، وروى عن أبى يوسف رحمه الله تعالى أنه كان فى مجلس واحد يجمع والا فلا، وروى عن محمد رحمه الله تعالى أنه ان كان بسبب غثيان واحد يجمع والا فلا، وقال أبو على الدقاق رحمه الله تعالى:
يجمع كيفما كان. وجه قول أبى يوسف أن المجلس جعل فى الشرع جامعا لأشياء متفرقة كما فى باب البيع وسجدة التلاوة ونحو ذلك وقول محمد أظهر لأن اعتبار المجلس اعتبار المكان واعتبار الغثيان اعتبار السبب، والوجود يضاف الى السبب لا الى المكان.
ولو سال الدم الى مالان من الأنف أو الى صماخ الأذن يكون حدثا لوجود خروج النجس وهو انتقال الدم من الباطن الى الظاهر، وروى عن محمد فى رجل أقلف خرج البول أو المذى من ذكره حتى صار فى قلفته فعليه الوضوء وصار بمنزلة المرأة اذا خرج المذى أو البول من فرجها ولم يظهر، ولو حشا الرجل احليله بقطنة فابتل الجانب الداخل منها لم ييتقض وضوءه لعدم الخروج وان تعدت البلة الى الجانب الخارج ينظر ان كانت القطنة عالية أو محاذية لرأس الاحليل ينتقض وضوءه لتحقق الخروج وان كانت متسفلة لم ينتقض لأن الخروج لم يتحقق، ولو حشت المرأة فرجها بقطنة فان وضعتها فى الفرج الخارج فابتل الجانب الداخل من القطنة كان حدثا وان لم ينفذ الى الجانب الخارج لا يكون حدثا لأن الفرج الخارج منها بمنزلة الاليتين من الدبر فوجد الخروج وان وضعتها فى الفرج الداخل فابتل الجانب الداخل من القطنة لم يكن حدثا لعدم الخروج وان تعدت البلة الى الجانب الخارج.
فان كانت القطنة عالية أو محاذية لجانب الفرج كان حدثا لوجود الخروج وان كانت متسفلة لم يكن حدثا لعدم الخروج وهذا كله اذا لم تسقط القطنة فان سقطت القطنة فهو حدث وحيض فى المرأة سواء ابتل الجانب الخارج أو الداخل لوجود الخروج ولو كان فى أنفه قرح فسال الدم عن رأس القرح يكون حدثا وان لم يخرج من المنخر لوجود السيلان عن محله ولو بزق فخرج معه الدم فان كانت الغلبة للبزاق لا يكون حدثا لأنه ما خرج بقوة نفسه وان كانت الغلبة للدم يكون حدثا لأن الغالب اذا كان هو البزاق لم يكن خارجا بقوة نفسه فلم يكن سائلا وان كان الغالب الدم كان خروجه بقوة نفسه فكان سائلا وان كان سواء فالقياس ان لا يكون حدثا، وفى الاستحسان يكون حدثا.
وجه القياس أنهما اذا استويا احتمل ان الدم خرج بقوة نفسه واحتمل انه خرج بقوة البزاق فلا يجعل حدثا بالشك، وللاستحسان وجهان أحدهما أنهما اذا استويا تعارضا فلا يمكن ان يجعل أحدهما تبعا للآخر فيعطى كل واحد منهما حكم نفسه فيعتبر خارجا بنفسه فيكون سائلا والثانى ان الأخذ بالاحتياط عند الاشتباه واجب وذلك فيما قلنا.
ولو ظهر الدم على رأس الجرح فمسحه مرارا فان كان بحال لو تركه لسال يكون حدثا والا فلا لأن الحكم متعلق بالسيلان ولو ألقى عليه الرماد أو التراب فتشرب فيه أو ربط عليه رباطا فابتل الرباط ونفذ قالوا يكون حدثا لأنه سائل وكذا لو كان الرباط ذا طاقين فنفذ فى أحدهما لما قلنا ولو سقطت الدودة أو اللحم من القرح لم يكن حدثا ولو سقطت من السبيلين كان حدثا، والفرق ان الدودة الخارجة من السبيل