للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نجسة فى نفسها لتولدها من الأنجاس وقد خرجت بنفسها وخروج النجس بنفسه حدث بخلاف الخارجة من القرح لأنها طاهرة فى نفسها لأنها تتولد من اللحم واللحم طاهر وانما النجس ما عليها من الرطوبات وتلك الرطوبات خرجت بالدابة لا بنفسها فلم يوجد خروج النجس فلا يكون حدثا، ولو خلل أسنانه فظهر الدم على رأس الخلال لا يكون حدثا لأنه ما خرج بنفسه وكذا لو عض على شئ فظهر الدم على أسنانه لما قلنا، ولو سعط‍ فى أنفه ووصل السعوط‍ الى رأسه ثم رجع الى الأنف أو الى الأذن لا يكون حدثا لأن الرأس ليس موضع الأنجاس، ولو عاد الى الفم ذكر الكرخى رحمه الله تعالى أنه لا يكون حدثا لما قلنا وروى على بن الجعد عن أبى يوسف أن حكمه حكم القئ لأن ما وصل الى الرأس لا يخرج من الفم الا بعد نزوله فى الجوف ولو قاء بلغما لم يكن حدثا فى قول أبى حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى لأنه شئ صقيل لا يلتصق به شئ من الأنجاس فكان طاهرا على ان الناس من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلّم اعتادوا أخذ البلغم بأطراف أرديتهم وأكمامهم من غير نكير فكان اجماعا منهم على طهارته.

وعند أبى يوسف رحمه الله تعالى يكون قئ البلغم حدثا لأنه نجس لاختلاطه بالأنجاس لأن المعدة معدن الأنجاس فيكون حدثا كما لو قاء طعاما أو ماء.

ومن مشايخنا من قال لا خلاف فى المسألة لأن جواب أبى يوسف فى الصاعد من المعدة وهو حدث عند الكل وجوابهما فى المنحدر من الرأس وهو ليس بحدث عند الكل ومنهم من قال فى المنحدر من الرأس اتفاقا أنه ليس بحدث وفى الصاعد من المعدة اختلاف.

وذكر أبو منصور أنه لا خلاف فى المسألة فى الحقيقة لأن جواب أبى يوسف - كما أمر - فى الصاعدة من المعدة وهو حدث بالاجماع لأنه نجس وجوابهما فى الصاعدة من حولى الحلق وأطراف الرئة وهو ليس بحدث بالاجماع لأنه طاهر فينظر ان كان صافيا غير مخلوط‍ بشئ من الطعام وغيره تبين انه لم يصعد من المعدة فلا يكون نجسا فلا يكون حدثا وان كان مخلوطا بشئ من ذلك تبين أنه صعد منها نجسا فيكون حدثا وهذا هو الأصح.

وأما اذا قاء دما فلم يذكر فى ظاهر الرواية نصا وذكر المعلى عن أبى حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى أنه يكون حدثا قليلا كان أو كثيرا جامدا كان أو مائعا.

وروى عن الحسن بن زياد عنهما أنه ان كان مائعا بنقض قل أو كثر وان كان جامدا لا ينقض ما لم يملأ الفم.

وروى ابن رستم عن محمد رحمهما الله تعالى أنه لا يكون حدثا ما لم يملأ الفم كيفما كان، وبعض مشايخنا صححوا رواية محمد وحملوا رواية الحسن والمعلى فى القليل من المائع على الرجوع وعليه اعتمد شيخنا لأنه الموافق لأصول أصحابنا فى اعتبار خروج النجس لأن الحدث اسم له والقليل ليس بخارج لما مر، واليه أشار فى الجامع الصغير من غير خلاف فانه قال واذا قلس أقل من ملء الفم لم ينتقض الوضوء من غير فصل بين الدم وغيره، وعامة مشايخنا حققوا الاختلاف وصححوا قولهما لأن القياس فى القليل من سائر أنواع القئ أن يكون حدثا لوجود الخروج حقيقة وهو الانتقال من الباطن الى الظاهر لأن الفم له حكم الظاهر على الاطلاق وانما سقط‍ اعتبار القليل لأجل الحرج لأنه يكثر وجوده ولا حرج فى اعتبار القليل من الدم لأنه لا يغلب وجوده بل يندر فبقى على أصل القياس.

هذا حكم الأصحاء، أما أصحاب الأعذار كالمستحاضة وصاحب الجرح السائل والمبطون ومن به سلس البول ومن به رعاف دائم أو ريح أو نحو ذلك ممن لا يمضى عليه وقت صلاة الا ويوجد ما ابتلى به من الحدث فيه فخروج النجس من هؤلاء لا يكون حدثا فى الحال مادام وقت الصلاة قائما حتى ان المستحاضة لو توضأت فى أول الوقت فلها ان تصلى ما شاءت من الفرائض