للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

راكعا أو ساجدا انما الوضوء على من نام مضطجعا فانه اذا نام مضطجعا استرخت مفاصله نص على الحكم وعلل باسترخاء المفاصل وكذا النوم متوركا بأن نام على أحد وركيه لأن مقعده يكون متجافيا عن الأرض فكان فى معنى النوم (١).

مضطجعا فى كونه سببا لوجود الحدث بواسطة استرخاء المفاصل وزوال مسكة اليقظة فأما النوم فى غير هاتين الحالتين فاما أن يكون فى الصلاة واما أن يكون فى غير الصلاة فان كان فى الصلاة لا يكون حدثا سواء غلبه النوم أو تعمد فى ظاهر الرواية وروى عن أبى يوسف رحمه الله تعالى أنه قال سألت أبا حنيفة عن النوم فى الصلاة فقال لا ينقض الوضوء ولا أدرى أسألته عن العمد أو الغلبة وعندى أنه ان نام معتمدا ينتقض وضوءه لما روينا عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم حيث نفى الوضوء فى النوم فى غير حال الاضجاع واثبته فيها بعلة استرخاء المفاصل وزوال مسكة اليقظة ولم يوجد فى هذه الأحوال لأن الامساك فيها باق ألا ترى أنه لم يسقط‍، وفى المشهور من الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال اذا نام العبد فى سجوده يباهى الله تعالى به ملائكته فيقول انظروا الى عبدى روحه عندى وجسده فى طاعتى، ولو كان النوم فى الصلاة حدثا لما كان جسده فى طاعة الله تعالى.

أما ما روى عن صفوان بن عسال المراوى من أنه قال كان النبى صلّى الله عليه وسلّم يأمرنا أن لا ينزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليها اذا كنا سفرا الا من جنابة لكن من نوم أو بول أو غائط‍ فلا حجة فيه لأن مطلق النوم ينصرف الى النوم المتعارف وهو نوم المضطجع وكذا استطلاق الوكاء فيما روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال العينان وكاء الا ست فاذا نامت العينان استطلق الوكاء - يتحقق به لا يكل نوم، ووجه رواية أبى يوسف رحمه الله تعالى أن القياس فى النوم حالة القيام والركوع والسجود أن يكون حدثا لكونه سببا لوجود الحدث الا أنا تركنا القياس حالة الغلبة لضرورة التهجد نظرا للمتهجدين وذلك الغلبة دون التعمد. ويدل لنا ما روينا من الحديثين من غير فصل ولأن الاستمساك فى هذه الأحوال باق لما بينا.

وان كان خارج الصلاة فان كان قاعدا مستقرا على الأرض غير مستند الى شئ لا يكون حدثا لأنه ليس بسبب لوجود الحدث غالبا وان كان قائما أو على هيئة الركوع والسجود غير مستند الى شئ اختلف المشايخ فيه، والعامة على أنه لا يكون حدثا لما روينا من الحديث من غير فصل بين حالة الصلاة وغيرها، ولأن الاستمساك فيها باق على ما مر والأقرب الى الصواب فى النوم على هيئة السجود خارج الصلاة ما ذكره القمى أنه لا نص فيه ولكن ينظر فيه أن سجد على الوجه المسنون بأن كان رافعا بطنه عن فخذيه مجافيا عضويه عن جنبيه لا يكون حدثا وان سجد لا على وجه السنة بأن الصق بطنه بفخذيه واعتمد على ذراعيه على الأرض يكون حدثا لأن فى الوجه الأول الاستمساك باق والاستطلاق منعدم وفى الوجه الثانى بخلافه الا أنا تركنا هذا القياس فى حالة الصلاة بالنص.

ولو نام مستندا الى جدار أو سارية أو رجل أو متكئا على يديه ذكر الطحاوى رحمه الله تعالى أنه ان كان بحال لو أزيل السند لسقط‍ يكون حدثا والا فلا وبه أخذ كثير من مشايخنا وروى خلف بن أيوب عن أبى يوسف رحمهما الله تعالى انه قال سألت أبا حنيفة عمن استند الى سارية أو رجل فنام ولولا السارية والرجل لم يستمسك، قال اذا كانت اليتة مستوثقة من الأرض فلا وضوء عليه وبه أخذ عامة مشايخنا وهو الأصح لما روينا من الحديث وذكرنا من المعنى ولو نام قاعدا مستقرا على الأرض فسقط‍ وانتبه فان انتبه بعد ما سقط‍ على الأرض وهو نائم انتقض وضوءه بالاجماع لوجود النوم


(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج ١ ص ٢٩، ص ٣٠ الطبعة السابقة