للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من غير السبيل أشبه البصاق. ولا ينقض يسير نجس خرج من أحد فرجى خنثى مشكل غير بول وغائط‍ فانه ينقض مطلقا وكذا اليسير اذا خرج منها لأن أحدهما أصلى ولا بد (١).

الثانى من النواقض خروج النجاسات من بقية البدن فان كانت النجاسات غائطا أو بولا نقض ولو قليلا من تحت المعدة أو فوقها سواء كان السبيلان مفتوحين أو مسدودين لما تقدم من عموم قول الله عز وجل «أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ‍} (٢)».

وقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (ولكن من غائط‍ وبول) ولأن ذلك معتاد خارج أشبه الخارج من المخرج لكن لو انسد المخرج وفتح غيره فأحكام المخرج باقية مطلقا وفى النهاية الا ان يكون سد خلقة فسبيل الحدث المنفتح والمسدود كعضو زائد من الخنثى. ولا يثبت للمنفتح أحكام المعتاد فلا ينقض خروج ريح منه ولا يجزئ الاستجمار فيه وغير ذلك كوجوب الغسل بالايلاج فيه وخروج المنى منه لأنه ليس بفرج وان كانت النجاسات الخارجة من غير السبيلين غير الغائط‍ والبول كالقئ أو الدم والقيح ودود الجرح لم ينقض الا كثيرها أما كون الكثير ينقض فلقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حديث فاطمة رضى الله تعالى عنها أنه دم عرق فتوضئ لكل صلاة رواه الترمذى ولأنها نجاسة خارجة من البدن أشبهت الخارج من السبيلين وأما كون القليل من ذلك لا ينقض فلمفهوم قول ابن عباس رضى الله تعالى عنهما فى الدم اذا كان فاحشا فعليه الاعادة.

قال احمد رحمه الله تعالى عدة من الصحابة تكلموا فيه، ابن عمر عصر بثرة فخرج الدم فصلى ولم يتوضأ وابن أبى أوفى عصر دملا وذكر غيرهما ولم يعرف لهم مخالف من الصحابة فكان اجماعا والكثير ما فحش فى نفس كل أحد بحسبه نص عليه واحتج بقول ابن عباس: الفاحش ما فحشى فى قلبك.

وقال ابن عقيل انما يعتبر ما يفحش فى نفوس أوساط‍ الناس، فلو مص علق أو قراد - لا ذباب وبعوض - دما كثيرا نقض الوضوء وكذا لو استخرج كثيره بقطنة لأن الفرق بين ما خرج بنفسه أو بمعالجته لا أثر له فى نقض الوضوء أو عدمه بخلاف مص بعوض وبق وذباب وقمل وبراغيث لقلته ومشقة الاحتراز منه، ولو شرب انسان ماء أو نحوه وقذفه فى الحال فنجس ولو لم يتغير لأن نجاسته بوصوله الى الخوف لا باستحالته وينقض كثير مقذوف فى الحال لما روى معدان بن أبى طلحة، عن أبى الدرداء أن النبى صلّى الله عليه وسلّم قاء فتوضأ قال فلقيت ثوبان فى مسجد دمشق فقال صدق أنا سكبت له وضوءه رواه الترمذى وقال هذا أصح شئ فى هذا الباب ولا ينقض بلغم معدة وصدر ورأس لطهارته كالبصاق والنخامة لأنها تخلق من البدن ولا ينقض أيضا جشاء نصا - وهو القلس (٣).

الثالث من النواقض: زوال العقل كحدوث جنون أو برسام كثيرا كان أو قليلا - أو تغطيته باغماء أو سكر قليل أو كثير.

قال فى المبدع اجماعا على كلا الأحوال لأن هؤلاء لا يشعرون بحال بخلاف النائم، ولو كانت تغطيته بنوم.

قال أبو الخطاب محفوظ‍ وغيره ولو تلجم فلم يخرج منه شئ الحاقا بالغالب لأن الحس يذهب معه، ولعموم حديث على العين وكاء السه فمن نام فليتوضأ رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة.

وعن معاوية قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم العين وكاء السه فاذا نامت العينان


(١) كشاف القناع عن متن الاقناع للشيخ منصور بن ادريس ج ١ ص ٩٠ وما بعدها الى ص ٩٢ فى كتاب على هامشه شرح منتهى الارادات للشيخ منصور بن يونس البهوتى الطبعة الأولى طبع المطبعة العامرة الشرفية سنة ١٣١٩ هـ‍.
(٢) الآية رقم ٦ من سورة المائدة
(٣) القلس بالتحريك وقيل بسكون اللام هو ما خرج من الجوف ملء الفم أو دونه وليس بقئ لكن حكمه حكم القئ فى النجاسة فان عاد فهو قئ