للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البتة الا أن خرجت من الدبر، والا فانما يسمى جشاء أو عطاسا (١) فقط‍.

فمن كان مستنكحا بشئ مما ذكرنا توضأ ولا بد لكل صلاة فرضا كانت أو نفلا، ثم لا شئ عليه فيما خرج منه من ذلك فى الصلاة أو فيما بين وضوئه وصلاته ولا يجزئه الوضوء الا فى أقرب ما يمكن أن يكون وضوءه من صلاته، ولا بد للمستنكح ايضا من أن يغسل ما خرج منه من البول والغائط‍ والمذى حسب طاقته مما لا حرج عليه فيه، ويسقط‍ عنه من ذلك ما فيه عليه الحرج منه، برهان ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رويناه من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (اذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم وقول الله عز وجل «وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}» (٢)» وقوله تعالى «يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ» (٣)» فصح أنه مأمور بالصلاة والوضوء من الحدث، وهذا كله حدث، فالواجب أن يأتى من ذلك ما يستطيع وما لا حرج عليه فيه ولا عسر. وهو مستطيع على الصلاة وعلى الوضوء لها ولا حرج عليه فى ذلك فعليه أن يأتى بهما وهو غير مستطيع للامتناع مما يخرج عنه من ذلك فى الصلاة وفيما بين وضوئه وصلاته فسقط‍ عنه، وكذلك القول فى غسل ما خرج منه من ذلك (٤). فهذه الوجوه تنقض الوضوء عمدا كان أو نسيانا أو بغلبة وهذا اجماع ما ذكرنا مما فيه الخلاف (٥). وينقض الوضوء مس الرجل ذكر نفسه خاصة عمدا بأى شئ مسه من باطن يده أو من ظاهرها أو بذراعه - حاشا مسه بالفخذ أو الساق أو الرجل من نفسه فلا يوجب وضوءا - ومس المرأة فرجها عمدا كذلك أيضا سواء سواء، ولا ينقض الوضوء شئ من ذلك بالنسيان وينقض الوضوء مس الرجل ذكر غيره من صغير أو كبير ميت أو حى بأى عضو مسه عمدا من جميع جسد من ذى رحم محرمة أو من غيره ومس المرأة فرج غيرها عمدا أيضا كذلك سواء سواء، لا معنى للذة فى شئ من ذلك فان كان كل ذلك على ثوب رقيق أو كثيف للذة أو لغير لذة، باليد أو بغير اليد، عمدا أو غير عمد لم ينقض الوضوء، وكلك ان مسه بغلبة أو نسيان فلا ينتقض الوضوء برهان ذلك ما حدثناه حمام بن أحمد باسناده عن عروة بن الزبير رضى الله تعالى عنه قال تذاكر هو ومروان الوضوء فقال مروان حدثتنى بسره بنت صفوان انها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالوضوء من مس الفرج ولفظ‍ هذا الحديث عام يقتضى كل ما ذكرنا.

وأما مس الرجل فرج نفسه بساقه ورجله وفخذه فلا خلاف فى ان المرء مأمور بالصلاة فى قميص كثيف وفى مئزر وقميص ولا بدله ضرورة فى صلاته كذلك من وقوع فرجه على ساقه ورجله وفخذه فخرج هذا بهذا الاجماع المنصوص عليه من جملة هذا الخبر. قال أبو محمد: والماس على الثوب ليس ماسا ولا معنى للذة لأنه لم يأت بها نص ولا اجماع، وانما هى دعوى بظن كاذب، وأما النسيان فى هذا فقد قال الله تعالى «وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} (٦)» وهذا قول ابن عباس رضى الله تعالى عنهما وروينا عن طريق وكيع عن خصيف عن عكرمة عنه انه قال: مس الذكر عمدا ينقض الوضوء ولا ينقضه بالنسيان (٧). وينقض الوضوء أكل لحوم الابل نيئة أو مطبوخة أو مشوية عمدا وهو يدرى أنه لحم جمل أو ناقة، ولا ينقض الوضوء أكل شحومها محضة ولا أكل


(١) المرجع السابق ج ١ ص ٢٣٢ مسئلة رقم ١٦٠ نفس الطبعة.
(٢) الآية رقم ٧٨ من سورة الحج.
(٣) الآية رقم ٢٨٥ من سورة البقرة
(٤) المحلى لأبى محمد على بن أحمد بن سعيد بن حزم ج ١ ص ٢٣٣ وما بعدها الى ص ٢٣٥ مسئلة رقم ١٦١ الطبعة السابقة
(٥) المرجع السابق ج ١ ص ٢٣٥ - مسئلة رقم ١٦٢ نفس الطبعة
(٦) الآية رقم ٥ من سورة الأحزاب
(٧) المحلى لأبى محمد على بن أحمد بن سعيد بن حزم ج ١ ص ٢٣٥ وما بعدها الى ص ٢٤١ مسئلة رقم ١٦٣ الطبعة السابقة