للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليهم السّلام أن الكبيرة ما ورد الوعيد عليها كقول الله عز وجل «وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} (١)» وهو قول بعض البغدادية من المعتزلة وقال بعض البغدادية كل عمد كبيرة وما عداه فملتبس، قال مولانا عليه السّلام وهذا ظاهر السقوط‍ لأنه عقاب على ما ليس عمدا.

وقالت عامة المعتزلة ما ورد عليه الوعيد مع الحد. ولما كان فى الكبائر ما لا ينقض الوضوء وهو كبيرة واحدة وهى الاصرار على الكبيرة أخرجه عليه السّلام بقوله غير الاصرار على الكبيرة فانه لا ينقض - والاصرار هو الامتناع من التوبة فقط‍ وان لم يعزم على العود والاستمرار على المعاصى.

قال عليه السّلام: والأقرب أنه قول الجمهور لأنه لا واسطة بين التائب والمصر.

وقال أبو هاشم وأبو على: بل الاصرار هو العزم على معاودة المعاصى. ولما كان فى المعاصى ما لا يعلم كونه كبيرا وقد ورد الأثر أنه ناقض للوضوء أدخله عليه السّلام فى النواقض بقوله: أورد الأثر بنقضها كتعمد أحد خمسة أشياء منها تعمد الكذب (٢) لا بالاشارة من الصحيح فلا تنقض، والمختار وأما من لا يمكنه النطق فينقض اتفاقا، قال فى الغايات: واذا جاز الكذب لم ينقد ككذب الزوج على الزوجة والامام العادل لمصلحة وكذا ما كان فيه صلاح الدين بالصلح بين الناس. ومنها تعمد النميمة (٣)، ومنها تعمد غيبة المسلم سواء كان صغيرا أو كبيرا حيا أو ميتا.

وقال قرز: الذى ينقض غيبة المؤمن لا الفاسق لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذكروا الفاسق بما فيه كيما تحرزه الناس، وينتقض الوضوء حال النطق فى الغيبة ولو كان المغتاب غائبا والعبرة بحال النطق فى الأذى، وقيل العبرة بحال الأذى مطلقا ولو تقدم السبب. ومنها تعمد أذى المسلم (٤) فانه ناقض، وأما ضرب البهائم الذى لا يجوز فانه لا يكون ناقضا وكذا أذيه الكافر بما لا يجوز على ظاهر مفهوم الصفة فانه لا ينقض، وقيل ينقض فى الكافر.

قال فى التقرير: فلو قال يا كلب أو يا ابن الكلب انتقض وضوؤه ولا عبرة بصلاح الأب وفساده، فأما أذى الفاسق بما يستحقه من الآحاد فلا كلام وأما بما لا يستحقه من الآحاد فناقض ان كان كبيرا كالقذف وان لم يعلم كونه كبيرا أو علم مع القصد لذلك فعلى الخلاف فى سائر المعاصى.

قال عليه السّلام: واذا بنينا على الظاهر لزم فيمن أكل من الخضراوات ما يتأذى برائحته وصلى مع جماعة يتأذون بذلك أن ينتقض وضوؤه مع القصد، ونظائر ذلك كثيرة لكنها تستبعد للعادة بين المسلمين. انما نقض ذلك لما يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال الغيبة والكذب ينقضان الوضوء، وكان يأمر بالوضوء من الحدث ومن أذى المسلم (٥).

ومن النواقض تعمد القهقهة فى الصلاة وذلك لما روى أن ابن أم مكتوم وقع فى بئر فلما رآه أهل الصف الأول ضحكوا لوقعته وضحك


(١) الآية رقم ٢٨٣ من سورة البقرة
(٢) قال صاحب شرح الأزهار: اختلف فى ماهية الكذب فالمذهب أنه ما خالف مقتضاه فى الوقوع نحو أن تقول زيد فى الدار وهو فى المسجد وسواء كنت معتقدا أنه فى الدار أم لا وقال قوم: هو ما خالف الاعتقاد فلو قلت زيد فى الدار معتقدا أنه فيها وليس فيها كان صدقا عندهم ولو قلت زيدا فى الدار معتقدا أنه ليس فيها وهو فيها كان كذبا عندهم شرح الأزهار ج ١ ص ١٠٠
(٣) النميمة فى الظاهر أن تسمع من شخص كلاما يكرهه الغير فترفعه الى ذلك الغير لادخال الشحناء بينهما أن عرف أنها تحصل ولو لم يقصد
(٤) اختلف فى تحقيق الأذى فقيل: هو القذف فقط‍ وان كان حقا قال مولانا عليه السّلام: والظاهر من كلام أهل المذهب أن المراد كل ما يتأذى به من قول أو فعل
(٥) شرح الأزهار ص ٩٩ وما بعدها الى ص ٠٠١ الطبعة السابقة