عندنا وعنده لا تفسد وجه القياس أن الفساد لا يخلو اما أن يكون لخساستها أو لاشتغال قلب الرجل بها والوقوع فى الشهوة لا وجه للأول لأن المرأة لا تكون أخس من الكلب والخنزير ومحاذاتهما غير مفسدة ولأن هذا المعنى يوجد فى المحاذاة فى صلاة لا يشتركان فيها والمحاذاة فيها غير مفسدة بالاجماع ولا سبيل الى الثانى لهذا أيضا ولأن المرأة تشارك الرجل فى هذا المعنى فينبغى أن تفسد صلاتها أيضا ولا تفسد بالاجماع والدليل عليه أن المحاذاة فى صلاة الجنازة وسجدة التلاوة غير مفسدة فكذا فى سائر الصلوات وجه الاستحسان.
ما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال اخروهن من حيث أخرهن الله عقيب قوله خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها والاستدلال بهذا الحديث من وجهين أحدهما لما أمر بالتأخير صار التأخير فرضا من فرائض الصلاة فيصير بتركه التأخير تاركا فرضا من فرائضها فتفسد والثانى أن الأمر بالتأخير أمر بالتقدم عليها ضرورة فاذا لم تؤخر ولم يتقد فقد قام مقاما ليس بمقام له فتفسد كما اذا تقدم على الامام والحديث ورد فى صلاة مطلقة مشتركة فبقى غيرها على أصل القياس وانما لا تفسد صلاتها لأن خطاب التأخير يتناول الرجل ويمكنه تأخيرها من غير أن تتأخر هى بنفسها ويتقدم عليها فلم يكن التأخير فرضا عليها فتركه لا يكون مفسدا ويستوى الجواب بين محاذاة البالغة وبين محاذاة المراهقة التى تعقل الصلاة فى حق فساد صلاة الرجل استحسانا والقياس أن لا تفسد محاذاة غير البالغة لأن صلاتها تخلق واعتياد لا حقيقة صلاة وجه الاستحسان انها مأمورة بالصلاة مضروبة عليها كما نطق به الحديث فجعلت المشاركة فى أصل الصلاة والمشاركة فى أصل الصلاة تكفى للفساد اذا وجدت المحاذاة واذا عرف أن المحاذاة مفسدة فنقول اذا قامت فى الصف امرأة فسدت صلاة رجل عن يمينها ورجل عن يسارها ورجل خلفها بحذائها لأن الواحدة تحاذى هؤلاء الثلاثة ولا تفسد صلاة غيرهم لأن هؤلاء صاروا حائلين بينها وبين غيرهم بمنزلة اسطوانة أو كارة من الثياب فلم تتحقق المحاذاة ولو كانتا اثنتين أو ثلاثة.
فالمروى عن محمد رحمه الله تعالى أن المرأتين تفسدان صلاة أربعة نفر من على يمينها ومن على يسارهما ومن خلفهما بحذائهما والثلاث منهن يفسد صلاة من على يمينهن ومن على يسارهن وثلاثة خلفهن الى آخر الصفوف.
وعن أبى يوسف روايتان فى رواية قال الثنتان يفسدان صلاة أربعة نفر من على يمينها ومن على يسارهن واثنان من خلفهما بحذائهما والثلاث يفسدن صلاة خمسة نفر من كان على يمينهن ومن كان على شمالهن وثلاثة خلفهن بحذائهن وفى رواية الثنتان تفسدان صلاة رجلين عن يمينهما ويسارهما وصلاة رجلين رجلين الى آخر الصفوف والثلاث يفسدن صلاة رجل عن يمينهن ورجل عن يسارهن وصلاة ثلاثة ثلاثة الى آخر الصفوف ولا خلاف فى أنهن اذا كن صفا تاما فسدت صلاة الصفوف التى خلفهن وان كانوا عشرين صفا وجه الرواية الأولى لأبى يوسف رحمه الله تعالى أن فساد الصلاة ليس لمكان الحيلولة لأن الحيلولة انما تقع بالصف التام من النساء بالحديث ولم توجد وانما يثبت الفساد بالمحاذاة ولم توجد المحاذاة الا بهذا القدر وجه الرواية الثانية له أن للمثنى حكم الثلاث بدليل أن الامام يتقدم الاثنين ويصطفان خلفه كالثلاثة ثم حكم الثلاثة هذا فكذا حكم الاثنين وجه المروى عن محمد رحمه الله تعالى أن المرأتين لا تحاذيان الا أربعة نفر فلا تفسدان صلاة غيرهم وفى الصف التام القياس هكذا أن تفسد صلاة صف واحد خلفهن لا غير لانعدام محاذاتهن لمن وراء هذا الصف الواحد الا أنا استحسنا فحكمنا بفساد صلاة الصفوف أجمع لحديث عمر رضى الله تعالى عنه موقوفا ومرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من كان بينه وبين الإمام نهر أو طريق أو صف من النساء فلا صلاة له جعل