للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صف النساء حائلا كالنهر والطريق ففى حق الصف الذى يليهن من خلفهن وجد ترك التأخير منهم والحيلولة بينهم وبين الامام بهن وفى حق الصفوف الأخر وجدت الحيلولة لا غير وكل واحد من المعنيين بانفراده علة كاملة للفساد ثم الثنتان ليستا بجمع حقيقة فلا يلحقان بالصف من النساء التى هى اسم جمع فانعدمت الحيلولة فيتعلق الفساد بالمحاذاة لا غير والمحاذاة لم توجد الا بهذا القدر فأما الثلاث منهن فجمع حقيقة فالحقن بصف كامل فى حق من صرن حائلات بينه وبين الامام ففسدت صلاة ثلاثة ثلاثة الى آخر الصفوف وفسدت صلاة واحد عن يمينهن وواحد عن يسارهن لأن هناك الفساد بالمحاذاة لا بالحيلولة ولم توجد المحاذاة الا بهذا القدر (١).

ولو وقفت بحذاء الامام فأتمت به وقد نوى الامام امامتها فسدت صلاة الامام والقوم كلهم أما صلاة الامام فلوجود المحاذاة فى صلاة مطلقة مشتركة وأما صلاة القوم فلفساد صلاة الامام.

وكان محمد بن مقاتل الرازى رحمه الله تعالى يقول لا يصح اقتداؤها لأن المحاذاة قارنت شروعها فى الصلاة ولو طرأت كانت مفسدة فاذا اقترنت منعت من صحة اقتدائها به وهذا غير سديد لأن المحاذاة انما تؤثر فى فساد صلاة مشتركة ولا تقع الشركة الا بعد شروعها فى صلاة الامام فلم يكن المفسد مقارنا للشروع فلا يمنع من الشروع وان كانت بحذاء الامام ولم تأتم به لم تفسد صلاة الامام لانعدام المشاركة وكذا اذا قامت أمام الامام فأتمت به لأن اقتداءها لم يصح فلم تقع المشاركة وكذا اذا قامت الى جنبه ونوت فرضا آخر بان كان الامام فى الظهر ونوت هى العصر فأتمت به ثم حاذته لا تفسد على الامام صلاته وهذا على رواية (٢) باب الحدث لأنها لم تصر شارعة فى الصلاة أصلا فلم تتحقق المشاركة فأما على رواية باب الآذان تفسد صلاة الامام فى الظهر وقد نوى امامتها فأتمت به فنوى المحاذاة فى صلاة مشتركة ففسدت صلاته وفسدت صلاتها بفساد صلاة الامام وعليها قضاء التطوع لحصول الفساد بعد صحة شروعها كما اذا كان الامام فى الظهر وقد نوى امامتها فأتمت به فنوى التطوع ثم قامت بجنبه تفسد صلاته وصلاتها وعليها قضاء التطوع فكذا هذا.

وبعض مشايخنا قالوا الجواب ما ذكر فى باب الأذان وتأويل ما ذكر فى باب الحدث أن الرجل لم ينو امامتها فى صلاة العصر - فتجعل هى فى الاقتداء به بنية العصر بمنزلة ما لم ينو امامتها أصلا فلهذا لا تصير شارعة فى صلاته تطوعا ولو قام رجل وامرأة يقضيان ما سبقهما لامام لم تفسد صلاته ولو كانا أدركا أول الصلاة وكانا ناما أو أحدثا فسدت صلاته لأن المسبوقين فيما يقضيان كل واحد منهما فى حكم المنفرد ألا ترى أن القراءة فرض على المسبوق ولو سها يلزمه سجود السهو فلم يشتركا فى صلاة فلا تكون المحاذاة مفسدة صلاته فأما المدركان فهما كأنهما خلف الامام بعد بدليل سقوط‍ القراءة عنهما وانعدام وجوب سجدتى السهو عند وجود السهو كأنهما خلف الامام حقيقة فوقعت المشاركة فوجدت المحاذاة فى صلاة مشتركة فتوجب فساد صلاته (٣).

ومرور المرأة والحمار والكلب بين يدى المصلى لا يقطع الصلاة عند عامة العلماء.

وقال أصحاب الظواهر يقطع واحتجوا بما روى أبو ذر رضى الله تعالى عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال يقطع الصلاة مرور المرأة والحمار والكلب وفى بعض الروايات والكلب الأسود فقيل لأبى ذر وما بال الأسود من غيره


(١) المرجع السابق ج ١ ص ٢٤١ نفس الطبعة.
(٢) المرجع السابق ج ١ ص ٢٤٠، ص ٢٤١ نفس الطبعة.
(٣) المرجع السابق ج ١ ص ٢٤٠، ٢٤١ الطبعة السابقة.