للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يجب حتى يقال أنه سقط‍، ولكن يقال أجزأت بمعنى كفى فعلها عن المطلوب شرعا.

ثم أنكم أيها الفقهاء تقولون أحيانا: هذا المطلوب سقط‍ قضاؤه لأنه أجزأ، فتأتون بعلة ومعلول، أما المعلول فهو قولكم «سقط‍ قضاؤه» وأما العلة فقولكم «لأنه أجزأ»، ومن المعروف أن العلة مغايرة للمعلول، فكيف تعرفون الإجزاء بأنه سقوط‍ القضاء وهل يفسر الشئ بمغايره (١).

وفى التحرير وشرحه من كتب أصول الحنفية أن الصحة هى ترتب المقصود من الفعل عليه، وذلك فى المعاملات هو الحل والملك، أما فى العبادات فإن المتكلمين قالوا إنها موافقة أمر الشارع بأن يكون مستجمعا ما يتوقف عليه من الشروط‍ وغيرها وذلك نفسه هو معنى الإجزاء، وقال الفقهاء الصحة والإجزاء فى العبادات هما موافقة أمر الشارع على وجه يندفع به القضاء، وثمرة الخلاف تظهر فيمن صلى على ظن الطهارة ثم تبين له أنه محدث فإن صلاته صحيحة ومجزئة عند المتكلمين لموافقة الأمر إذ المكلف مأمور بأن يصلى بطهارة سواء أكانت معلومة أو مظنونة، وهى فاسدة عند الفقهاء لعدم اندفاع القضاء وتوصف أيضا بأنها غير مجزئة.

ثم قال صاحب التحرير بعد أن بين هذا المعنى «والاتفاق على القضاء عند ظهوره» أى وقد اتفق المتكلمون والفقهاء على وجوب القضاء عند ظهور عدم الطهارة (٢).

ولذلك قال أبو حامد الغزالى فى المستصفى: وهذه الاصطلاحات وإن اختلفت فلا مشاحة فيها، إذ المعنى متفق عليه (٣).

وقال الإسنوى فى شرحه تعليقا على مسألة ظان الطهارة: فإن قيل إذا لم يتبين أنه محدث فواضح أنه لا قضاء عليه، وليس كلامكم فيه وإن تبين أنه محدث وجب القضاء عليه عند الفقهاء وعند المتكلمين القائلين بالصحة أيضا، فما وجه الخلاف؟

قلنا: الخلاف إنما هو فى إطلاق الاسم أى اسم الإجزاء على الأداء ثم تبين عدم الطهارة، وممن نبه عليه القرافى (٤).

وفى روضة الناظر لموفق الدين ابن قدامة المقدسى الدمشقى، وهو فى الأصول على مذهب الحنابلة: «الصحيح من العبادات ما أجزأ وأسقط‍ القضاء».

وفى شرحه نقلا عن الشيخ علاء الدين المرداوى فى التحرير: «الصحة مطلقا ترتب الأثر المطلوب من الفعل عليه فبصحة


(١) شرح المنهاج للإسنوى ج‍ ١ ص ٦٠ مطبوع بمطبعة صبيح بمصر عدة طبعات.
(٢) التحرير وشرحه ج‍ ٢ ص ٢٣٤، ٢٣٥، المطبوع بمطبعة الحلبى سنة ١٣٥٠ هـ‍.
(٣) انظر روضة الناظر وشرحه ص ١٦٥ وهو مطبوع بالمطبعة السلفية بمصر سنة ١٣٤٢ هـ‍.
(٤) شرح الاسنوى على المنهاج ج‍ ١ ص ٥٩.