للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بطلت صلاته والا فلا تبطل لما مر والثانى لا تبطل بذلك مطلقا لأنه لا يسمى كلاما فى اللغة ولا يكاد يتبين منه حرف محقق فأشبه الصوت الغفل وخرج بالضحك التبسم فلا تبطل الصلاة لأن النبى صلّى الله عليه وسلّم تبسم فيها فلما سلم قال مر بى ميكائيل فضحك لى فتبسمت له.

ويعذر فى يسير الكلام عرفا ان سبق لسانه اليه وذلك لأن الناسى مع قصده الكلام معذور فيه فهذا أولى لعدم قصده. أو نسى أنه فى الصلاة للعذر.

وفى الصحيحين عن أبى هريرة صلى بنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الظهر أو العصر مسلم من ركعتين ثم أتى خشبة بالمسجد واتكأ عليها كأنه غضبان فقال له ذو اليدين أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله فقال لأصحابه أحق ما يقول ذو اليدين قالوا نعم فصلى ركعتين أخرتين ثم سجد سجدتين وجه الدلالة أنه تكلم معتقدا أنه ليس فى الصلاة وهم تكلموا مجوزين النسخ ثم بنى هو وهم عليها. أو جهل تحريم الكلام فيها أن قرب عهده بالاسلام أو نشأ بعيدا عن العلماء بخلاف من بعد اسلامه وقرب من العلماء لتقصيره بترك التعليم.

قال الخوارزمى والأشبه أن الذمى الذى نشأ بين أظهرنا أنه لا يعذر وان قرب عهده بالاسلام لأن مثل هذا لا يخفى عليه من ديننا ولو سلم امامه فسلم معه ثم سلم الامام ثانيا فقال له المأموم قد سلمت قبل هذا فقال كنت ناسيا لم تبطل صلاة واحد منهما وسلم المأموم ويندب له سجود السهو لأنه تكلم. بعد انقطاع القدوة ولو سلم من ثنتين ظانا كمال صلاته.

فكالجاهل كما ذكره الرافعى وذلك بخلاف الكثير من هذا فانه لا يعذر فيه فيما ذكر من الصور فى الأصح لأنه يقطع نظم الصلاة وهيأتها والقليل يحتمل لقلته ولأن السبق والنسيان فى الكثير نادر والفرق بين هذا وبين الصوم حيث لا يبطل بالأكل الكثير ناسيا عند المصنف أن المصلى متلبس بهيئة مذكرة بالصلاة يبعد معها النسيان بخلاف الصائم والثانى يسوى بينهما فى العذر كما يسوى بينهما فى العمد ومرجع القليل والكثير الى العرف على الأصح وقيل الكلمة والكلمتان ونحوهما وقيل ما يسع زمان ركعة.

وصحح السبكى تبعا للمتولى أن الكلام الكثير ناسيا لا يبطل لقصة ذى اليدين ويعذر فى اليسير عرفا من التنحنح ونحوه مما مر وغيره كالسعال والعطاس للغلبة وان كثرت اذ لا يمكن الاحتراز عنها.

وينبغى أن يكون محل الأول ما اذا لم يصر السعال أو نحوه مرضا ملازما له أما اذا صار السعال ونحوه كذلك فانه لا يضر كمن به سلس بول ونحوه بل أولى. لا تعذر الجهر فلا يعذر فى يسير التنحنح له فى الأصح لأنه سنة وضرورة الى التنحنح له وفى معنى الجهر سائر السنن كقراءة السورة والقنوت وتكبيرات الانتقالات وان قال الأسنوى المتجه جواز التنحنح للجهر بأذكار الانتقالات عند الحاجة الى سماع المأمومين اذ لا يلزمه تصحيح صلاة غيره (١). لو جهل بطلانها بالتنحنح مع علمه بتحريم الكلام فمعذور لخفاء حكمه على العوام ولو علم تحريم الكلام وجهل كونه مبطلا لم يعذر كما لو علم تحريم شرب الخمر دون ايجابه الحد فانه يحد اذ حقه بعد العلم بالتحريم الكف ولو تكلم ناسيا لتحريم الكلام فى الصلاة بطلت كنسيان النجاسة على ثوبه صرح به الجوينى وغيره ولو جهل تحريم ما أتى به مع علمه بتحريم جنس الكلام فمعذور كما شمله كلام


(١) مغنى المحتاج لمعرفة معانى ألفاظ‍ المنهاج للعلامة الخطيب الشربينى ج ١ ص ١٩٥، ١٩٦ وكذلك فى كتاب على هامش متن المهذب