للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثانية أن يردها بعد الموت وقبل القبول فيصح الرد وتبطل الوصية لا تعلم فيه خلافا لأنه أسقط‍ حقه فى حال يملك قبوله وأخذه فأشبهه عفو الشفيع عن الشفعة بعد البيع (١).

والثالثة أن يرد بعد القبول والقبض فلا يصح الرد لأن ملكه قد استقر عليه فأشبهه رده لسائر ملكه الا أن يرضى الورثة بذلك فتكون هبته منه لهم تفتقر الى شروط‍ الهبة.

والرابعة أن يرد بعد القبول وقبل القبض فينظر ان كان الموصى به مكيلا أو موزونا صح الرد لأنه لا يستقر ملكه عليه قبل قبضه فأشبهه رده قبل القبول وان كان غير ذلك لم يصح الرد لأن ملكه قد استقر عليه فهو كالمقبوض ويحتمل أن يصح الرد بناء على أن القبض معتبر فيه كل موضع صح الرد فيه فان الوصية تبطل بالرد وترجع الى التركة فتكون للوراث جميعهم لأن الأصل ثبوت الحكم لهم وانما خرج بالوصية فاذا بطلت الوصية رجع الى ما كان عليه كأن الوصية لم توجد (٢).

واختلف أصحابنا فيما اذا مات الموصى له قبل القبول والرد بعد موت الموصى فذهب الخرقى رحمه الله تعالى الى أن وارثه يقوم مقامه فى القبول والرد لأنه حق ثبت للمورث فثبت للوارث بعد موته لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (من ترك حقه فلورثته) وكخيار الرد بالهيب.

وذهب أبو عبد الله بن حامد رحمه الله تعالى أن الوصية تبطل لأنه عقد يفتقر الى القبول فاذا مات من له القبول قبله بطل العقد كالهبة.

قال القاضى رحمه الله تعالى هو قياس المذهب لأنه خيار لا يعتاض عنه فبطل بالموت كخيار المجلس والشرط‍ وخيار الأخذ بالشفعة (٣).

وقال أصحاب الرأى تلزم الوصية فى حق الوارث وتدخل فى ملكه حكما بغير قبول لأن الوصية قد لزمت من جهة الموصى وانما الخيار للموصى له واذا مات بطل خياره ودخل فى ملكه كما لو اشترى شيئا على أن الخيار له فمات قبل انقضائه ويدل لنا على أن الوصية لا تبطل بموت الموصى له انها عقد لازم من أحد الطرفين فلم تبطل بموت من له الخيار كعقد الرهن والبيع اذ الشرط‍ فيه الخيار لأحدهما ولأنه عقد لا يبطل بموت الموجب فلا يبطل بموت الآخر كالذى ذكرنا ويفارق الهبة والبيع قبل القبول من الوجهين اللذين ذكرناهما وهو أنه جائز من الطرفين ويبطل بموت الموجب له ولا يصح قياسه على الخيارات لأنه لم يبطل الخيار ويلزم العقد فنظيره فى مسئلتنا قول أصحاب الرأى يدل على ابطال قولهم أنه عقد يفتقر الى قبول المتملك فلم يلزم (٤) قبل القبول كالبيع والهبة اذا ثبت هذا فان الوارث يقوم مقام الموصى له فى القبول والرد لأن كل حق مات عنه المستحق فلم يبطل بالموت قام الوارث فيه مقامه فعلى هذا أن رد الوارث الوصية بطلت وان قبلها صحت وثبت الملك بها وان كان الوارث جماعة اعتبر القبول (٥) أو الرد من جميعهم فان رد بعضهم وقبل بعض ثبت للقابل حصته وبطلت الوصية فى حق من رد فان كان فيهم من


(١) المغنى لأبى عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة على مختصر أبى القاسم عمر بن حسين بن عبد الله بن أحمد الخرقى ج‍ ٦ ص ٦٦ ص ٦٧ تعليق السيد محمد رشيد رضا الطبعة الثالثة طبع دار المنار بمصر سنة ١٣٦٧ هـ‍
(٢) المرجع السابق ج‍ ٦ ص ٦٧ نفس الطبعة
(٣) المرجع السابق ج‍ ٦ ص ٦٤ نفس الطبعة
(٤) المرجع السابق ج‍ ٦ ص ٢٠ ص ٢١ نفس الطبعة
(٥) المرجع السابق ج‍ ٦ ص ٢٢ وص ٢٣ نفس الطبعة