لعصير العنب أو للتمر ومن ذلك ما يتركب به المداد اذا أوصى به ثم جعل مدادا.
وقيل ان قطع منه شيئا ثبتت الوصية فى الباقى ولو نصفا وان أوصى بثوب أو غيره ثم صبغه أو أوصى بجلد ثم دبغه أو دبغه وصبغه أيضا أو أوصى به مدبوغا ثم صبغه لأن تعدد التغيير للرجوع ولو كثر على القول الأخير ما وجدت عين الشئ بل ليس الصبع والدبغ تغييرا فى الذات بل فى الصفة واللون والتغيير الذى عده رجوعا هو تغيير نفس الذات ولذلك قال فليس برجوع.
وكذا سائر الزيادات مثل أن يوصى بثوب فيخيطه أو يرقعه أو يوصى بدار فيجصصها لم يكن رجوعا ونقل غرس أو شجر أو نقض دار أو نقض حائط أو حمام أو بيت أو غير ذلك أو نحو ذلك مما يوضع على الثبوت وليس من شأنه النقل من محل لآخر رجوع عن الايصاء به وان نقص من الدار بعض حجارة أو خشب أو غير ذلك وأخذه أو تركه منزوعا من محله فرجوع منه لامن باقى الدار فما دامت تسمى دارا تكون باقية فى الايصاء ولو نزع كثيرا.
روى قولان وغرس أرض بنخل أو شجر اذا أوصى بتلك الأرض أو بناها أى بناء فيها لدار أو بيت أو غيرها أو حفر فيها لنحو مطمورة أو بئر قيل يكون رجوعا للتصرف فيها ولتبدل الاسم وقيل لا يكون رجوعا الا فى موضع البناء وما أحاط عليه وفى الموضع الذى تثبت عليه الشجرة أو النخلة لبقاء الاسم فيما بقى من الأرض وليس الحرث رجوعا وانما هو انتفاع كركوب وسكنى بضرب بيت شعر ونحوه وسكنى فى مسكن أوصى به.
وفى الأثر الرجوع فى الوصية أن يزيد أو ينقص فى الموصى به كزيادة بناء أو عمارة وكتجصيص وقطع ثمار أو فسيل أو غصن أو كرب أو ردم أرض وسقى وهدم دار وقيل ليس ذلك رجوعا وان قال لا تنفذوا وصيتى لا يشتغلوا به على الصحيح كما فى الديوان فذلك رجوع لا يشتغل به أو لا يعد رجوعا أصلا وعلى كل حال فلينفذوها لأنه لا يخلوا من واجب عليه يوصى به ولم يبين ما لا ينفذون بل عم عدم الانقاذ وعدم انقاذ الواجب معصية فلا يوافقوه على المعصية وان لم يكن ما يجب فيها فانما وجب الانقاذ مع أنه قال لا تنفذوا لأن قوله لا تنفذوا ليس نقضا لها وابطالا ولو أراد الابطال لقال قد أنقذتها فلا تعيدوا لها انقاذا أو قد تركتها أو رجعت عنها أو نزعتها أو مزقها أو محاها أو أتلفها بوجه ومن شأن الوصية الانقاذ والشئ انما ينهى عنه اذا كان يمكن وقوعه فذكره الانقاذ تقرير للوصية ولو ذكره بالنهى اذ نهيه لغو وقيل رجوع فى كل ما لا يجب وفى كل واجب يمكن أداءه قبل فلا بد من أن ينفذوا وصية الأقرب ان أوصى بها ولو قال لا تنفذوا ولا بد من وقوع التدبير لمعين عينه ولو رجع عنه الا أن تبين أنه عجل عتقه أو كاتبه فلو أوصى بدين أو تباعه بلا شهادة يقع الحكم بها وقال لا تنفذوا لم يحكم عليهم بانفاذه.
وقيل لا رجوع فى الوصية فى الحكم فلو أوصى بوصية وأتلفها ولا شهود لها يحفظونها فلا شئ عليهم ولو كان عليها شهود أو لم يتلفها فبقيت تقر أو رجع عنها لزمهم انقاذها وهذا بناء على أن كل ما لزم الانسان فما بينه وبين الله اذا علم به الحاكم باقراره أو بغيره يحكم به وكما أوصى به وجب عليه الوفاء به لأنه وعد بما لم يجب فكان واجبا بالوعد أو وعد بواجب لا يجد عليه الحاكم شهودا أو طالبا الا أنه قد لا ينوى التقرب الى الله بذلك.
(١) شرح النيل وشفاء العليل للشيخ محمد بن يوسف اطنين ج ٦ ص ٣٨٣ وما بعدها الى ص ٣٨٩ طبع مطبعة محمد ابن يوسف البارونى