وأما على أصل أبى حنيفة ومحمد وزفر رحمهم الله تعالى فلأنها فسخ العقد والعقد لم ينعقد على الصحة إلا بتراضيهما أيضا.
ثانيا: المجلس لأن معنى البيع موجود فيها فيشترط لها المجلس كما يشترط للبيع.
ثالثا: تقابض بدلى الصرف فى إقالة الصرف وهذا على أصل أبى يوسف ظاهر وكذلك على أصل أبى حنيفة لأن قبض البدلين إنما وجب حقا لله تعالى ألا ترى أنه لا يسقط باسقاط العهد، والإقالة على أصله وإن كانت فسخا فى حق العاقدين فهى بيع جديد فى حق ثالث فكان حق الشرع فى حكم ثالث فيجعل بيعا فى حقه.
رابعا: أن يكون المبيع بمحل الفسخ بسائر أسباب الفسخ كالرد بخيار الشرط والرؤية والعيب عند أبى حنيفة وزفر رحمهما الله تعالى فإن لم يكن بأن ازداد زيادة تمنع الفسخ بهذه الاسباب لا تصح الإقالة عندهما.
وعند ابى يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى. هذا ليس بشرط، أما على أصل أبى حنيفة وزفر فظاهر لأن الإقالة عندهما فسخ للعقد فلا بد وأن يكون المحل محتملا للفسخ فإذا خرج عن احتمال الفسخ خرج عن احتمال الإقالة ضرورة وأما على أصل أبى يوسف رحمه الله تعالى فلأنها بعد القبض بيع مطلق وهو بعد الزيادة محتمل للبيع فبقى محتملا للإقالة وأما على أصل محمد رحمه الله تعالى وإن كانت فسخا لكن عند الامكان ولا إمكان ها هنا لأنا لو جعلناها فسخا لم يصح ولو جعلناها بيعا لصحت فجعل بيعا لضرورة الصحة ولهذا اتفق جواب محمد مع جواب أبى يوسف فى هذا الفصل.
خامسا: قيام البيع وقت الإقالة، فإن كان هالكا وقت الإقالة لم تصح فأما قيام الثمن وقت الاقالة فليس بشرط، ووجه الفرق بين المبيع والثمن أن إقالة المبيع رفعه فكان قيامها بالبيع وقيام البيع بالبيع لا بالثمن لأنه هو المعقود عليه على معنى أن العقد ورد عليه لا على الثمن لأنه يرد على المعين والمعين هو المبيع لا الثمن لأنه لا يحتمل التعيين وإن عين لأنه اسم لما فى الذمة فلا يتصور إيراد العقد عليه فدل أن قيام البيع بالمبيع لا بالثمن فإذا هلك لم يبق محل حكم البيع فى الحقيقة وإذا هلك الثمن فمحل حكم البيع قائم فتصح الإقالة وعلى هذا يخرج ما إذا تبايعا عينا بدين كالدراهم والدنانير سواء عينا أو لم يعينا والفلوس والمكيل والموزون والعدديات المتقاربة الموصوفة فى الذمة ثم تقايلا أنهما أن تقايلا والعين قائمة فى يد المشترى صحت الإقالة سواء كان الثمن قائما فى يده أو هالكا لقيام حكم البيع بقيام المعهود عليه وإن تقابلا بعد هلاك العين لم تصح وكذا إن كانت قائمة وقت الإقالة ثم هلكت قبل الرد على البائع بطلت الإقالة سواء كان الثمن قائما أو هالكا لان الإقالة فيها معنى البيع وكذا إذا كان المبيع عبدين وتقابضا ثم هلكا ثم تقايلا انه لا تصح الإقالة لما ذكرنا أن المعقود عليه إذا هلك لم يبق محل الفسخ بالإقالة.
وكذا لو كان أحدهما هالكا وقت الإقالة والآخر قائما وصحت الإقالة ثم هلك القائم قبل الرد بطلت الإقالة لان المعقود عليه هلك قبل القبض.
ولو تبايعا عينا بعين وتقابضا ثم هلك إحداهما فى يد مشتريها ثم تقابلا صحت الإقالة وعلى المشترى الهالك قيمة الهالك إن لم يكن له مثل ومثله إن كان له مثل فيسلمه إلى صاحبه ويسترد منه العين لان كل واحد منهما مبيع على حدة لقيام العقد فى كل واحد منهما.
ثم خرج الهالك من أن يكون قيام العقد به فيقوم بالآخر، وإذا بقى المبيع بقى محل الفسخ فيصح أو نقول البيع أحدهما والآخر ثمن إذ المبيع لا بد له من الثمن فاذا هلك أحدهما تعين الهالك للثمن والقائم للمبيع لما فيه من تصحيح العقد وفى القلب إفساده فكان التصحيح أولى فبقى المبيع ببقاء المبيع فاحتمل الإقالة، وكذا لو تقايلا والعينان قائمان ثم هلك أحدهما بعد الإقالة قبل الرد لا تبطل الإقالة لان هلاك احداهما قبل الإقالة لما لم يمنع صحة الإقالة فهلاكها بعد الاقالة لا يمنع بقاءها على الصحة من طريق الاولى لان البقاء أسهل من الابتداء وهذا بخلاف بيع العرض بالعرض انه لا ينعقد بأحد العرضين ابتداء وإذا انعقد بهما ثم هلك أحدهما قبل