للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خصوصا إذا كان له معاملات يحتاج فى اقتضائها إلى مدة مديدة.

وقال فى الهداية (١) وللامام أن يؤقت فى ذلك ما دون السنة كالشهر والشهرين فإذا اقامها بعد مقالة الامام يصير ذميا ثم لا يترك أن يرجع إلى دار الحرب لأن عقد الذمة لا ينقض كيف؟ وان فيه قطع الجزية وجعل ولده حربا علينا وفيه مضرة بالمسلمين وقال الامام فاضيخان (٢) إذا مضت سنة بعد مضى المدة المضروبة كان عليه الخراج لأنه انما يصير ذميا بمجاورة المدة المضروبة فيعتبر الحول بعد ما صار ذميا إلا أن يكون شرط‍ عليه أنه إذا جاوز السنة يأخذ الخراج فحينئذ يأخذ منه وفى فتح القدير (٣) قال لو مات المستأمن فى دار الاسلام عن مال وورثته فى دار الحرب وقف ماله لورثته فإذا قدموا فلا بد أن يقيموا البينة على ذلك فيأخذوا فان أقاموا بينة من أهل الذمة قبلت استحسانا لانهم لا يمكنهم اقامتها من المسلمين لان أنسابهم فى دار الحرب لا يعرفها المسلمون فصار كشهادة النساء فيما لا يطلع عليه الرجال فإذا قالوا لا نعلم له وارثا غيرهم دفع إليهم المال وأخذ منهم كفيلا لما يظهر فى المال من ذلك قيل هو قولهما لا قول أبى حنيفة رحمه الله تعالى كما فى المسلمين وقيل بل هو قولهم جميعا ولا يقبل كتاب ملكهم ولو ثبت أنه كتابه وإذا رجع إلى دار الحرب لا يمكن أن يرجع معه بسلاح اشتراه من دار الاسلام بل بالذى دخل به فان باع سيفه أو اشترى به قوسا أو نشابا أو رمحا لا يمكن منه وكذا لو اشترى سيفا أحسن منه فان كان مثل الاول أو دونه مكن منه ومن وجد فى دارنا بلا أمان فهو وما معه فئ، فان قال دخلت بأمان لم يصدق وأخذ ولو قال أنا رسول فان وجد معه كتاب ملكهم بعلامة تعرف بذلك كان آمنا فان الرسول لا يحتاج إلى أمان خاص بل بكونه رسولا يأمن وان لم يعرف فهو زور فيكون هو وما معه فيئا وإذا دخل دار الاسلام بلا أمان فأخذه واحد من المسلمين لا يختص به عند أبى حنيفة رحمه الله تعالى بل يكون فيئا لجماعة المسلمين وهو رواية بشر عن أبى يوسف رحمه الله تعالى وظاهر قول أبى يوسف وهو قول محمد يختص به ولو دخل الحرم قبل أن يؤخذ فعند أبى حنيفة رحمه الله تعالى يؤخذ ويكون فيئا للمسلمين وعلى قولهما لا يطعم ولا يسقى ولا يؤذى حتى يخرج وان دخل الحربى دارنا بأمان واشترى أرض خراج فإذا وضع عليه الخراج صار ذميا لان خراج الأرض بمنزلة خراج الرأس فإذا التزمه صار ملتزما المقام فى دارنا أما بمجرد الشراء لا يصير ذميا لانه قد يشتريها للتجارة وإذا لزمه خراج الارض فبعد ذلك تلزمه الجزية لسنة مستقبلة لأنه يصير ذميا يلزم الخراج فتعتبر المدة كمن وقت وجوبه قال فى فتح القدير وكذا لو اشترى عشرية فانها تستمر عشرية على قول محمد فانها وظيفة مستمرة وعلى قول أبى حنيفة تصير خراجية فتؤخذ منه جزية سنة مستقبلة من وقت وضع الخراج وتثبت أحكام الذمى فى حقه من منع الخروج إلى دار الحرب وجريان القصاص بينه وبين المسلم وضمان المسلم قيمة خمرة وخنزيره إذا أتلفه ووجوب الدين عليه إذا قتله خطأ ووجوبه كف الاذى عنه فتحرم غيبته كما تحرم غيبة المسلم فضلا عما يفعله السفهاء من صفعة وشتمة فى الاسواق ظلما وعدوانا والمراد بوضع الخراج الزامه به وأخذه منه عن حلول وقته ومنذ باشر السبب وهو زراعتها أو تعطيلها مع التمكن منها إذا كانت فى ملكه بالاجارة وهى فى غير ملك غيره إذا كان خراجا فقاسمه فانه يؤخذ منه لا من المالك فيصيبه ذميا بخلاف ما لو كانت الارض التى استأجرها خراجها على مالكها فانه لا يصير ذميا اذا دخل وقت الأخذ لعدم الاخذ منه وكذا إذا أخذ منه العشر على قول محمد ولا يظن بوضع الامام وتوظيفه أن يقول وظفت على هذه الارض الخراج ونحوه لان الامام قط‍ لا يقول فى كل قطعة أرض كذلك بل الخراج من حين استقر وظيفته للاراضى المعلومة


(١) الهادية شرح بداية المبتدى فى كتاب مع فتح القدير ج ٤ ص ٣٥٢ الطبعة السابقة.
(٢) العناية شرح الهداية فى كتاب مع فتح القدير ج ٤ ص ٣٥١ الطبعة السابقة.
(٣) فتح القدير ج ٤ ص ٣٥١ الطبعة السابقة.