للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

استمر كل من صارت إليه نعم لا يصير ذميا بمجرد شرائها قبل لانه التزمه لأنه غير لازم لجواز أنه اشتراها للتجارة فلا يحكم بالذمة عليه بمجرده حتى يزول هذا الاحتمال باستمرارها فى يده حتى يؤخذ منه الخراج بتعطيلها أو زراعتها وإذا دخلت حربية دارنا بأمان فتزوجت ذميا صارت ذمية لأنها التزمت المقام تبعا للزوج وفى تزوجها مسلما (١) أولى وعكسه ما لو دخل حربى فتزوج ذمية لا يصير ذميا كما قال به الائمة الثلاثة فى الحربية أيضا قياسا على الرجل والفرق بأن تزوجه ليس دلالة التزامه المقام فان فى يده طلاقها والمضى عنها بخلافها فحين أقدمت عليه كانت ملتزمة بما يأتى منه ومنه عدم الطلاق ومنعها من الخروج إلى دارها فتصير ذمية فيوضع الخراج على أرضها ونحو ذلك ولو أن حربيا دخل دارنا بأمان ثم عاد إلى دار الحرب وترك وديعة عند مسلم أو ذمى أو دينا فى ذمتهم فقد صار دمه مباحا بالعود لانه أبطل أمانه وما فى دار الاسلام من ماله له مادام حيا وان مات فهو لورثته وكذا إذا قيل من غير أن يظهر على دارهم كما إذا مات فى دار الاسلام لان ماله مشمول بأماننا مادام فى دارنا وبه قال الشافعى وأحمد رحمه الله تعالى فان قيل ينبغى أن يصير فيئا كما اذا أسلم الحربى فى دار الاسلام وله وديعة عند مسلم فى دار الحرب ثم ظهر على دارهم تكون فيئا ولا تكون يد المودع كيده فى دار الاسلام وأجيب بأن ما فى دار الحرب معصوم من وجه لا من كل وجه فان دار الحرب دار اباحة لا عصمة فلا يصير معصوما بالشك بخلاف ما فى دار الاسلام تثبت من كل وجه فينبغى إلى أن يثبت المزيل هو أن يصير نفسه مغنوما وذلك بأن يؤسر أو يظهر على داره فيقتل فحينئذ تصير الوديعة فيئا لعامة المسلمين توضع فى بيت المال لانها فى يده تقديرا فإذا غنم غنمت بخلاف ماله من الوديعة فى دار الحرب عند المسلم لأنها ليست فى يده كذلك بل من وجه كما ذكرنا ثم هذا ظاهر الرواية وعن أبى يوسف رحمه الله تعالى أنها يختص بها المودع وأما الدين فيسقط‍ عمن فى ذمته لان ثبوت يده عليه منتف إذا صار ملكا للمديون وانما هى ثابتة باعتبار ثبوت حق المطالبة وقد سقطت باستغنامه فيسقط‍ الدين وجاء فى الدر المختار وحاشية ابن عابدين عليه أن أهل الذمة يمنعون من استيطان مكة والمدينة لانهما من أرض العرب فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم لا يجتمع فى أرض العرب دينان والحديث أخرجه (٢) اسحق ابن راهويه فى مسنده أخبرنا النضر بن شميل حدثنا صالح ابن أبى الاحوص حدثنا الزهرى عن سعيد ابن المسيب عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال فى مرضه الذى مات فيه لا يجتمع دينان فى جزيرة العرب ورواه عبد الرازق قال أنبأنا معمر عن الزهرى عن سعيد ابن المسبب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم لا يجتمع بأرض العرب أو قال بأرض الحجاز دينان ورواه فى الزكاة وزاد فيه فقال عمر لليهود من كان منكم عنده عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم فليات به وإلا فأنى مجليكم قال فأجلاهم عمر وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك فى مرض موته قال الدار قطنى فى علله هذا صحيح ورواه مالك فى الموطأ قال مالك قال ابن شهاب ففحص عمر عن ذلك حتى اتاه اليقين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يجتمع دينان فى جزيرة العرب فأجلى يهود خيبر وأجلى يهود نجران وفدك وفى صحيح البخارى ومسلم عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما لما اشتد برسول الله صلّى الله عليه وسلّم وجعه قال أخرجوا المشركين من جزيرة العرب وجزيرة العرب من أقصى عدن إبين إلى ريف العراق فى الطول وأما العرض فمن جدة وما والاها من ساحل البحر إلى أطراف الشام وقال المنذرى فى مختصره قال مالك جزيرة العرب المدينة نفسها وروى أنها الحجاز واليمن واليمامة وحكى البخارى عن المغيرة قال هى أرض


(١) فتح القدير للامام كمال الدين بن الهمام ج ٤ ص ٣٥٣ الطبعة السابقة.
(٢) الدر المختار شرح تنوير الابصار ج ٣ ص ٣٧٩ وما بعدها فى كتاب مع حاشية الامام محمد الشهير بابن عابدين طبع مطبعة دار سعادات بالقاهرة الطبعة الاولى.